في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات ولمناسبة الذكرى الـ 75 لتأسيس لجنة حقوق المرأة اللبنانية، وضمن فعاليات حملة الـ 16 يوما المعلنة من الأمم المتحدة لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، نظمت لجنة حقوق المرأة اللبنانية يوم الخميس الماضي طاولة مستديرة تحت عنوان: "المرأة اللبنانية بين عنف الدولة وقيود الأعراف والموروثات"، وبمشاركة باحثين وناشطين وناشطات من المجتمع المدني، فضلا عن وفد من السفارة الكوبية في بيروت، وذلك في فندق "غولدن توليب" – سيرانادا الحمرا.
تحدثت في المناسبة الأستاذة عائدة نصر الله رئيسة لجنة حقوق المرأة، ومما قالته : إلى متى سوف تبقى المرأة اللبنانية أسيرة الأعراف والموروثات وقوانين أحوال شخصية طائفية متباينة تختلف من طائفة إلى أخرى ومن مذهب إلى أخر ولكنها تتفق على إبقاء المرأة في موقع دوني تتلقى كل أشكال العنف المعنوي واللفظي والقانوني والسياسي والجسدي وتتعرض للضرب والموت قتلاً ؟ وإلى متى أيضاً ستظل المرأة متعايشة مع ظلم الدولة وعنفها المتمثل بالاستخفاف وبإدارة الظهر من قبل الدولة الرافضة لأي تغييرات أو تعديلات جذرية في القوانين اللبنانية تنقذ النساء والفتيات من التمييز والتزويج المبكر والتعنيف والقتل...
كما أشارت إلى أن تسليط المنظمات النسائية الضوء على معالجة النتائج المتأتية عن فعل العنف الممارس على النساء وتوسل نهج الحماية بشكل أولوي وتطوير وسائل هذه الحماية على ضرورتها الحتمية، فأمر غير كاف ويمكن أن يسهم في تكريس بقاء المرأة ضحية بحاجة دائمة إلى الحماية ويغفل دور الدولة وواجبها في تغيير المنظومة القانونية التمييزية التي تكرس دونية المرأة لا سيما في قوانين الأحوال الشخصية ما يستدعي إقرار قانون مدني موحد ملزم للأحوال الشخصية في لبنان تكون مفاعيله ملزمة وتبقي الحرية لعقد زواج ديني لمن يريد ويرغب في ذلك من المواطنين والمواطنات.
كما وعرضت مديرة منظمة أبعاد السيدة غيدا عناني في مداخلتها حول واقع العنف ضد النساء والفتيات التقدم المحرز في السياقين المحلي والدولي مشددة على أهمية التخطيط الحالي والمستقبلي بأهداف واقعية قابلة للتحقيق نظراً للأزمة المركبة التي تعصف بلبنان وتضاعف من هشاشة النساء والفتيات.
وتحت العنوان العام للطاولة "المرأة اللبنانية بين عنف الدولة وقيود الإعراف والموروثات". تقدم المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية، بعناوين أولية للنقاش خلال الطاولة المستديرة، لافتاً إلى أن الأطر القانونية والإجرائية الوطنية التي تعتمدها الدولة اللبنانية والتي تراعي الأعراف والتقاليد والموروثات، لهي غير كافية لحماية النساء والفتيات من جميع أشكال العنف في مجالات عديدة منها : الأحوال الشخصية والعنف المنزلي والعنف الجندري والعنف السياسي المتمثل بضعف تمثيل المرأة في السياسة، ثم التمييز في الجنسية وتزويج الأطفال والتزويج القسري وتشويه الأعضاء التناسيلية والتمييز الجنسي، وتجريم الإجهاض... ثم طرح الدكتور بول جملة من التوصيات الإصلاحية التشريعية والإجراءات التنفيذية الضرورية والهامة.
ثم تحدث الحقوقي الدكتور سمير دياب فلفت إلى أن ما أشار إليه عنوان الطاولة من "أن المرأة اللبنانية لا تزال عالقة بين قيود الأعراف والتقاليد وبين عنف الدولة الرافضة لاستحداث قوانين وتشريعات تخفف من هذا العنف"، لهو أمر قديم ومعروف، ولكن جديد العنوان كون العنف ينمو ويتزايد إثر أوضاع اقتصادية ومالية ومعيشية خطيرة مع انهيار مؤسسات الدولة وانتشار الفقر والبطالة والهجرة والتفلت لثقافة التمييز دون رادع !!.
وإن المساواة بين نصفي المجتمع هي قضية حقوقية وطنية تمثل جزءاً لا يتجزأ من المسألة الديمقراطية العامة، ولا يمكن تصور نظام ديمقراطي لا تكون فيه المساواة التامة بين المواطنين بشكل عام وبين الجنسين بشكل خاص، أساساً من أسس بناء المواطنة. ثم خلص إلى القول : إن شرط تحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين يقتضي بالضرورة النضال لتحقيق تغيرات جذرية في بنية النظام السياسي الطائفي ودفعه قدماً إلى الامام ومنها قانون انتخابي عصري – وإلغاء القوانين الطائفية للأحوال الشخصية. فالمرأة اللبنانية التي ناضلت منذ ما قبل الاستقلال، وقاومت المحتل الصهيوني واستشهدت واعتقلت وصمدت، وانتفضت في تشرين الأول 2019. هي شريكة فاعلة في النضال والانتاج والبناء والتقدم والحياة. وهنا تكمن أهمية العمل، كحركة نسوية، على دور التوعية على حقوق المرأة لتشكيل قوة ضغط لإحقاق حقوق المرأة المساوية لحقوق الرجل على الصعد كافة.
اختتم اللقاء بمناقشة عامة انتهت إلى توصيات وخلاصات منها متابعة المسيرة لإحداث تغييرات إيجابية فعلية في واقع المرأة اللبنانية.