من المتوقع أن تتجاوز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن استهلاك الطاقة الأحفورية من غاز ونفط وفحم مستواها القياسي في 2022 بعد تراجع خلال جائحة كورونا COVID19، على ما أظهرت دراسة مرجعية نشرت الجمعة.
وستستعيد الانبعاثات الإجمالية لغاز الدفيئة الرئيسي المسؤول عن الاحترار المناخي بما يشمل تلك الناجمة عن قطع أشجار الغابات، المستوى المسجل في 2019 تقريباً. وبهذه الوتيرة تتراجع بنسبة 50 بالمئة فرصة تجنب حصول احترار قدره 1,5 درجة مئوية في تسع سنوات، على ما قال العلماء في "غلوبال كربون بروجيكت".
واستناداً إلى حساباتهم سترتفع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الطاقة الأحفورية "بنسبة 1بالمئة مقارنة بالعام 2021 لتصل إلى 36,6 مليار طن أي أعلى بقليل من مستويات 2019 قبل كورونا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية AFP.
وتنجم هذه الزيادة خصوصاً عن استخدام النفط (+2,2 بالمئة) مع استئناف النقل الجوي، والفحم (+1 بالمئة).
اجتماع عاملين
وأشار غلين بيترز أحد معدي الدراسة التي نشرت في مجلة "إيرث سيستيمز ساينس داتا"، بمناسبة انعقاد COP27 إلى "اجتماع عاملين هما تواصل الانتعاش بعد جائحة كوفيد وأزمة الطاقة".
ويحتسب فريق "غلوبال كربون بروجيكت" الذي يضم أكثر من 100 عالم من 80 مؤسسة، سنوياً انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فضلاً عن "ميزانية" الكربون المتبقية أي الحد الأقصى لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون للبقاء ضمن درجة حرارة عالمية معينة.
فدرجة الحرارة مرتبطة بتركز ثاني أكسيد الكربون القوي جداً في الأجواء. وقد زاد هذا التركز بنسبة 51 بالمئة منذ بدء العصر الصناعي عندما بدأ الإنسان حرق مصادر الطاقة الأحفورية بكميات كبيرة، وفق الدراسة.
ويمكن للعلماء أن يحولوا "الميزانية" المتبقية إلى مدة زمنية لاحترام أهداف اتفاق باريس للمناخ وهو الحجر الأساس في مكافحة الاحترار.
واستناداً إلى الوتيرة الحالية "لإنفاق" هذه الميزانية، تراجعت إلى النصف فرصة احتواء الاحترار بـ 1,5 درجة مئوية في غضون تسع سنوات. فينبغي أن تتراجع انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45 بالمئة بحلول 2030 لتكون هناك فرصة في حصر الاحترار بـ 1,5 درجة مئوية وهو الهدف الأكثر طموحاً في اتفاق باريس.
ومع بلوغ الاحترار 1,2 درجة مئوية حتى الآن تتكاثر الكوارث المناخية عبر العالم كما حصل خلال هذا العام مع ما حمل من موجات حر وجفاف وفيضانات وحرائق غابات ضخمة.
وقالت خبيرة المناخ كورين لوكيريه المشاركة في إعداد التقرير "سجّلنا بعض التقدم"، مشددة على أن الميل التصاعدي للانبعاثات ذات المصدر الأحفوري انتقل من 3 بالمئة تقريباً سنوياً في العقد الأول من الألفية إلى 0,5 بالمئة في العقد الأخير.
اتجاه تنازلي
وشددت الخبيرة: "أثبتنا أن السياسة المناخية تؤتي ثماراً. إلا أنّ تحرّكًا منسّقًا بالمستوى الذي بُذِل خلال كوفيد وحدهُ يمكنه أن يؤدي إلى اتجاه تنازليّ".
وبين أكثر الدول تلويثا سيسجل الارتفاع الأكبر في الانبعاثات الأحفورية العام 2022 في الهند مع نسبة 6 بالمئة بسبب استهلاك الفحم خصوصا على خلفية انتعاش اقتصادي قوي. وسيبلغ الارتفاع في الولايات المتحدة 1,5 بالمئة.
أما الصين فيتوقع أن تتراجع فيها الانبعاثات بنسبة 0,9 بالمئة بعد انخفاض كبير في مطلع السنة من جراء تدابير الإغلاق المرتبطة بسياسة صفر كوفيد وأزمة قطاع البناء مع أن موجة الحر خلال الصيف تسببت بعد ذلك بانخفاض في الإنتاج الكهرومائي وارتفاع في الفحم.
أما الاتحاد الأوروبي الغارق في أزمة طاقة من جراء الحرب الروسية الأوكرانية، فقد تتراجع الانبعاثات فيه 0,8 بالمئة مع انهيار في الانبعاثات المرتبطة بالغاز بنسبة 10 بالمئة في حين أن تلك المرتبطة بالفحم سترتفع بنسبة 6,7 بالمئة في مقابل 0,9 بالمئة للنفط.
أما الارتفاع في بقية أرجاء العالم فسيكون عند نسبة 1,7 بالمئة وهو مرتبط خصوصا بحركة النقل الجوي.
أما الانبعاثات غير المرتبطة بالطاقة الأحفورية وتشكل 10 بالمئة من الأجمالي، فهي ناجمة خصوصاً عن قطع أشجار الغابات وستسجل تراجعاً طفيفاً.
ويؤثر الاحترار من الآن في آبار الكربون الطبيعية التي تلعب دوراً حيوياً في تخفيفه. فامتصاص الآبار الأرضية لثاني أكسيد الكربون انخفض بنسبة 17 بالمئة تقريباً وامتصاص المحيطات بنسبة 4 بالمئة، خلال العقد الممتد بين 2012 و2021.
وبسبب أزمات متعددة، لن يكون العام 2022 سنة عادية يمكن من خلالها استخلاص عِبَر واضحة، بحسب مُعدّي التقرير، وفقا لـ AFP.