أمامي ثلاثة احتمالات للمستقبل: أن أُسجن أو أموت أو أنتصر"، هذا ما قاله الرئيس اليميني جايير بولسونارو قبل أكثر من عام من هزيمته أمام منافسه لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بالانتخابات الرئاسية البرازيلية الأحد الماضي.
إلا أن بولسونارو قال بثقة خلال لقاء مع الإنجيليين "كونوا متأكدين من أن خيار السجن غير وارد".
ومع ذلك، رأى محللون لوكالة فرانس برس أن التهديد بالسجن حقيقي للغاية، وإن استغرقت الإجراءات سنوات.
منذ بداية ولايته، واجه بولسونارو عدة تحقيقات، وخاصة فيما يتعلق بالمعلومات المضللة، وأكثر من 150 طلباً بحجب الثقة يتعلق معظمها بإدارته أزمة كوفيد-19 الذي أودى بحياة 685 ألف شخص على الأقل في البرازيل.
تم استبعاد التهديدات بتقليص فترة ولايته بفضل حليفين يشغلان منصبين رئيسيين، هما المدعي العام أوغوستو أراس الذي امتنع عن توجيه أي اتهام رسمي ضد الرئيس، ورئيس مجلس النواب آرثر ليرا الذي تجاهل عقد جلسة تصويت للبدء في إجراءات العزل.
لكن الوضع سيتغير اعتباراً من الأول من يناير لدى تولي لولا سدة الرئاسة وفقدان بولسونارو حصانته الرئاسية، وحينها يمكن محاكمته امام محاكم ابتدائية وليس فقط من قبل المحكمة العليا.
وثائق سرية
يوجه القضاء البرازيلي بالفعل اهتمامه إلى قضايا عائلة بولسونارو، ففي نهاية عام 2020، وجّهت النيابة العامة الاتهام إلى أكبر أبناء الرئيس، فلافيو بولسونارو، وهو عضو في مجلس الشيوخ، بتهمة الاختلاس وتبييض الأموال، واتُهم باختلاس مبالغ مالية من رواتب موظفين حكوميين عندما كان نائبا عن ريو دي جانيرو.
تم رفض القضية في مايو الماضي، بعد أن اعتبرت المحكمة العليا أن التحقيق انتهك حصانته البرلمانية وبخاصة عندما تم رفع السرية المصرفية عن حساباته، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية AFP.
لكن مجموعة تقارير قام بها موقع يول الإخباري أظهرت أن النيابة العامة تملك أدلة قوية تشير إلى أن اختلاس مبالغ من رواتب الموظفين كان أمراً شائعاً لدى عائلة بولسونارو، ولاسيما جايير الذي كان نائبا مدة 27 عاما قبل توليه الرئاسة.
وأكد استاذ القانون في جامعة فلومينينسي الفدرالية، روجيرو دولترا دوس سانتوس "عند انتهاء الولاية الرئاسية، سيكون مثول جايير بولسونارو ممكنًا أمام العدالة العامة وستتمكن النيابة من فتح تحقيقات جديدة".
ينفي الرئيس على الدوام ارتكاب أي اختلاس، مشيراً إلى أنه ضحية "اضطهاد سياسي"، وبخاصة عندما كشفت تحقيقات موقع يول مؤخراً أن أفراداً من عائلته استحوذوا على 51 عقاراً تم دفع ثمنها بالكامل أو جزءًا منه نقدًا بين 1990 و2022، بمبلغ إجمالي يصل إلى نحو 4,8 مليون يورو.
خلال فترة ولايته، فرض بولسونارو السرية لمدة 100 عام على عدد من الوثائق، الرسمية أو الشخصية، التي يمكن أن تدينه.
وأشار دوس سانتوس، وهو عضو في الجمعية البرازيلية للمحامين من أجل الديموقراطية، إلى أن "لولا وعد بالفعل بأنه سيسمح برفع السرية عن هذه الوثائق إذا تم انتخابه، وإن فعل سيؤدي ذلك إلى عواقب قضائية".
ومن المحتمل أن تكشف هذه الوثائق عن تدخل قساوسة إنجيليين في ميزانية وزارة التربية.
مصير مماثل لترامب
ورأى دوس سانتوس أن الإجراءات قد "تستغرق عدة سنوات"، مع عدة طعون من شأنها تأخير احتمال سجنه.
وقد يستفيد بولسونارو من حكم المحكمة العليا الذي أتاح إطلاق سراح لولا بعد 18 شهراً في السجن بتهم فساد.
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، تم الإفراج عن الرئيس اليساري السابق بعد أن قضت المحكمة العليا بأنه لا يمكن سجن المتهم إلا بعد الفصل في جميع الطعون، وليس فقط بعد إدانته لأول مرة في الاستئناف.
وبعيدًا عن القضايا القانونية، أدلى بولسونارو بتصريحات مفاجئة قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات، قال فيها إنه يعتزم "البقاء بعيدًا" عن المعترك السياسي في حال خسارته.
قالت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الفدرالية في ريو دي جانيرو، مايرا جولارت "من المستغرب جداً أن يتخلى عن السياسة. أرى أن مصيره سيكون بالأحرى مشابهاً لترامب الذي احتفظ بنفوذ كبير على السياسة الأميركية على الرغم من هزيمته في عام 2020".
في خطابه الثلاثاء، قال بولسونارو "إنه شرف كبير أن أكون زعيماً لملايين البرازيليين" بعد تأكيده أن "اليمين برز فعلاً" في البرازيل خلال ولايته.