يواجه لبنان أزمات متشابكة، ما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية للعائلات والأفراد الذين يعيشون في ظروفٍ صعبة، فاضطروا إلى تحديد أولويات نفقاتهم، واتخاذ قرارات صعبة في ما يتعلق بتوفير الأمن الغذائي والتعليم والصحة وما إلى ذلك من متطلبات، نتيجة لذلك، غالبًا ما يتم إهمال شراء اللوازم الصحية الآمنة والمناسبة (وقد زاد ثمنها على نحو كبيرٍ منذ عام 2019) لاعتبارها من المشتريات الثانوية مقارنة بالضروريات الأسرية الأخرى. وقد أدى هذا الواقع إلى زيادة في نسب فقر الدورة الشهرية، والحال ان 66 بالمئة من الفتيات اللواتي يعشن في لبنان غير قادرات على شراء اللوازم الصحية وغيرها من المستلزمات ذات الصلة ، مما يلحق الضرر بصحتهن ووصولهن إلى الأماكن العامة.
وبهدف معالجة المخاطر الاجتماعية والاقتصادية والصحية لفقر الدورة الشهرية على النساء والفتيات في لبنان، دخلت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في شراكةٍ مع منظمة "أكتد" غير الحكومية والمؤسسة الاجتماعية "روف اند روتس" لإنشاء وحدة إنتاج لوازم صحية تقودها النساء في جبل محسن في طرابلس تنتج لوازم صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة للنساء والفتيات في المنطقة. تهدف وحدة الانتاج إلى توفير حل محلي ومستدام لتلبية الطلب المتزايد على لوازم نظافة الدورة الشهرية الذي نتَجَ عن الأزمة الحالية في لبنان وتهدف، في الوقت عينه، إلى تعزيز الاقتصاد اللبناني ومشاركة المرأة في سوق العمل.
وتم افتتاح الوحدة برعاية سفير اليابان في لبنان، تاكيشي أوكوبو، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، و"أكتد" والمؤسسة الاجتماعية "روف اند روتس".
وفي هذا المجال، قال سفير اليابان في لبنان، تاكيشي أوكوبو: "لطالما وضعت اليابان تمكين المرأة في صلب أولويات مساعدتها للبنان. هذا المشروع الممول من اليابان لدعم إنشاء وحدة لإنتاج اللوازم الصحية في طرابلس يعمل الآن بالطاقة المتجددة، وسيتم تركيب الألواح الشمسية في مرفقَين آخرَين لاحقاً. لا يساهم هذا المشروع في التصدي لـ "فقر الدورة الشهرية" فحسب، بل يساعد أيضًا في الاعتراف بدور المرأة الفاعل والحيوي على المستوى الاقتصادي في مجتمعها وذلك من خلال تزويدها بفرصِ عملٍ مستدامة. إن تطوير الصناعات الوطنية هو المدخل لانتعاش لبنان، وتبقى اليابان ملتزمةً دعم المجتمعات الأكثر حرمانًا".
ومن جهتها قالت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان راتشيل دور-ويكس: "ما نطلقه اليوم هو نتيجة سنوات من العمل والاستثمار، لا سيما من جهة حكومة اليابان وجميع الشركاء المتعاونين معنا، يقدم هذا المشروع نموذجًا لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة - في هذه الحال المستلزمات الصحية – وهو نموذج متجذر في المجتمعات والاقتصادات المحلية".
في المرحلة الأولى، قامت النساء بإنتاج وتوزيع وبيع أكثر من 10 آلاف عبوة من الفوط الصحية للنساء والفتيات في أحياء جبل محسن، مع سعيهن أيضًا إلى رفع مستوى الوعي حول النظافة الصحية المرتبطة بالدورة الشهرية، أما اليوم، فتعمل ستون امرأة داخل وحدة الإنتاج وفي محيطها، فينتجن 30 ألف عبوة من الفوط الصحية، سيتم توزيع 15 ألف منها على النساء والفتيات اللواتي يعشن في أوضاعٍ صعبة. ونتيجة لذلك، ستحصل 2400 امرأة وفتاة على فوط صحية تغطي حاجاتهن لمدة ستة أشهر بهدف تخفيف العبء المادي الذي يفرضه شراء مستلزمات الدورة الشهرية.
قالت ممثلة "أكتد" في لبنان غايتان ويكوارت: "تفخر (أكتد) بعملها على إنشاء مؤسسة اجتماعية للإنتاج المحلي في طرابلس، تنتج من خلالها نساء مستلزمات من أجل النساء، بأسعارٍ معقولة، بناءً على نجاح المرحلة التجريبية، نحن الآن متحمسون للتوسع في صيدا وبيروت".
وقالت مديرة "روف اند روتس" جوليا عباس: "عندما أطلقنا المشروع على نحوٍ تجريبي، عارض الرجال مشاركة النساء في إنتاج اللوازم الصحية للدورة الشهرية في طرابلس، وقد استطعنا تحقيق التغيير في مجتمعنا وحصد ردود فعلٍ إيجابية من السكان المحليين، بالإضافة إلى توفير خط إنتاج مستدام من اللوازم الصحية".
ويجري توسيع نطاق هذا العمل في أنحاء البلاد، عبر الاستعداد لافتتاح وحداتِ إنتاج جديدة في عام 2023 في بيروت وصيدا بدعمٍ من حكومة اليابان أيضا.
وكتب سفير اليابان تاكيشي أوكوبو في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" عن نية اليابان استكمال المشروع بإنشا مصنعين إضافيين في صيدا وبيروت
بعد التجربة الناجحة في طرابلس قررت اليابان تكرار المشروع في صيدا وبيروت وإنشاء مصنعين إضافيين للفوط الصحية مع نظام للطاقة الشمسية. مما يقلص كلفة الفيول ويخلق فرص عمل أكثر للمرأة ويساهم في تمكينها اقتصاديا واجتماعيا. سيظل تعزيز دور المرأة في التنمية في صلب مساعدات اليابان pic.twitter.com/s0vc7rK6Iw
— Takeshi Okubo (@TakeshiOkubo3) October 29, 2022