حدث في لبنان قبل أيام:
خارج المجلس: أمطار "أوّل شتوة" التي انتظرها اللبنانيون لتغسل بعضاً من تعبهم وتروي أرضاً عطشى، كما نفوسهم، تتحوّل سيولاً تضيف همّاً إلى همومهم، مجتاحةً مساكن ومتاجر لا ماء فيها ولا كهرباء، ومحتجزةً الكثيرين على طرقاتٍ باتت متهالكة، جارفةً معها ما ومَن استطاعت، بفضل إهمالٍ وتقصير وسوء تدبير وغيابٍ كلّيّ ممّن يُفترض بهم أن يكونوا مسؤولين.
داخل المجلس: مجموعة نوائب تتفاوت خبراتهم بين مخضرم وحديث العهد، بين 14 و8 و11 كانوا بالأمس 13... مجموعة مهرّجين فاشلين في أداء أدوارهم المطلوبة منهم.. مجموعة طفوليين طفيليين يدّعون ذكاءً وحنكة، فيما هم فاقدو الحدّ الأدنى من حرية الرأي والقول واتخاذ الموقف الذي يجسد قناعات كلٍّ منه.. مجموعة لاهين، وراء شهوة المناصب لاهثين، بمآسي الناس جاهلين، يحضرون إلى مجلسٍ هو بيت للسلطتين التشريعية والرقابية، لينفّذوا المطلوب منهم منصاعين، فيصوّتون ويناورون ويتمازحون وعن أشواقهم لبعضهم البعض يعبّرون، يصوّتون، ثمّ النصاب يطيّرون، ويغادرون القاعة أو فيها يبقون، ومطرقة "الإستيذ" ينتظرون.
مجموعة فاشلين، عن كل ما يعصف باللبنانيين غافلين. حتى "قفشات" دولة الرئيس لم تعد مثيرةً للضحك، وكذلك "اللطشات" والهجومات المتبادلة بين الإخوة الأعداء الزملاء لم تعد تثير الحماسة، ولا تقنع ولا تغني ولا تسمن، ومثلها الشعارات والخطابات والمناكفات والعنتريات.
خارج المجلس: تأخذ السيول العسكري المتقاعد والمُقعد رامز مخول، ليُعثر على جثته في اليوم التالي.
في المجلس: هل سمع أحد من هؤلاء المهرجين في المجلس باسم هذا اللبناني الفقيد؟ هل يعرفون من هو وكيف عاش وما الذي عانى منه في حياته وفي رحيله عن هذه الفانية؟ أليس من واجب هؤلاء مساءلة المسؤولين عن موته، وعن مسلسل المآسي التي يعيشها اللبنانيّ، والمطالبة بمحاسبتهم، كما يقتضي دورهم؟ أم أنّ التلهي بما يشهده "سيرك المجلس" أجدى، كما سيتبيّن في جلساته الممجوجة بنسخاتها المكرّرة.
