عادت الإعلامية رولا بهنام إلى الأضواء وبعد اختفاء لسنوات بعد أن استأنفت يوم أمس، أعمال الحفر بالمعدّات الثقيلة في العقار 345 في عمشيت، وعلى بعد ما لا يزيد عن 5 أمتار من "مغارة الفقمة التي تلتجيء إليها حيوانات "فقمة الراهب" المهدّدة بالانقراض، بعدما كانت الأعمال في العقار قد توقّفت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعد وقفة اعتراضية هي الثانية خلال أقل من تسعة أشهر، تداعت اليه جمعيات بيئية وناشطون ومواطنون من مناطق عدة من لبنان، تلبية لنداء ناشطين من عمشيت، بهدف حماية مغارة الفقمة "الثانية" موئل "فقمة الراهب" النادرة على هذا الشاطئ، بعد اتجاه الإعلامية إياها لبناء فيلا على هذا الشاطئ، ما يعتبر تهديدا لهذه الفقمة المهددة بالإنقراض على أحد أجمل شواطئ البحر الأبيض المتوسط. بعد عدم استكمال الأوراق القانونية ولا سيما الأثر البيئي لهذه الورشة، ليتم وقف الأعمال فورا بعد توجه نواب تغييريين وناشطين بيئيين إلى الموقع والإحتجاج على استئناف الأعمال.
وجاء استئناف الأعمال بناءً على قرار صادر عن بلدية عمشيت، من دون أن يعرض أصحاب المشروع أي وثيقة متعلّقة بالرخصة الممنوحة لهم من وزارة الأشغال أو تقرير دراسة الأثر البيئي لهذا المشروع.
ويقول المهندس والناشط البيئي، فريد أبي يونس، إنّ منفّذي الورشة يخالفون حتّى نص قرار البلدية الذي يمنعهم من إحداث ارتجاجات فوق المغارة.
وزير البيئة
الجدير بالذكر أنّ بيانا قد صدر عن المكتب الاعلامي لوزير البيئة ناصر ياسين البيان الآتي:
"مع استئناف اعمال الحفر فوق المغارة المسماة "مغارة الفقمة" على شاطئ عمشيت يهم وزارة البيئة التأكيد للناشطين البيئيين انها الوزارة الوحيدة التي تشددت بتطبيق القانون وأوقفت اعمال المشروع سابقاً طالبةً وضع دراسة إدارة بيئية، والتي تقدم بها اصحاب المشروع منذ شهرين تقريباً لكنها لا تزال قيد الدراسة من قبل فنيي الوزارة، وبالتالي لم نعط اي موافقة على استئناف الاعمال، ما يضع المشكلة الاساسية عند البلدية والسلطات المحلية التي سمحت للمشروع بإستئناف العمل من دون العودة الى وزارة البيئة التي ستطلب اليوم وقف المشروع على أن يقوم خبراء من الوزارة بزيارة ميدانية للموقع من اجل معاينته والاطلاع على الوضع عن كثب".
وكان الوزير ياسين قد وجه كتابا في وقت سابق (المستند 1) بتاريخ 10/12/2021 إلى بلدية عمشيت مطالبا أصحاب المشروع بإعداد "خطة إدارة بيئية" قبل الشروع بالأعمال بعد شكوى قدمت للوزارة تتعلق بأضرار بيئية على العقار 345.
فقمة الراهب المتوسطية:
تعتبر "فقمة الراهب"Monk Seal واسمها العلمي Monachus monachus إحدى ثلاثة أنواع من هذا النوع من الفقمة، وتعتبر من أندر الكائنات الحية التي تنتمي لفصيلة pinniped ، حيث يقدر أن أعدادها لا تتجاوز 600 - 700 فردا وفقا لـ NOAA، بينها ما يتراوح بين 350-450 فردا بالغا، وتؤدي فقمة الراهب دورًا مهمًا في توازن النظم البيئية البحرية، كما تفعل معظم الأنواع في هذه الشبكات المعقدة، وهي حيوانات مفترسة في قمة الهرم وتعمل على التحكم في مستويات العديد من مجموعات الفرائس للحفاظ على نظام بيئي صحي ومستدام.
وأكد الخبير في الطيور البرية الدكتور غسان رمضان الجرادي إنّها الحيوان الثدي السادس على لائحة الحيوانات المهدّدة بالانقراض على المستوى العالمي. ولقد صنفها الاتحاد العالمي لصون الطبيعة على أنها مهددة بشكل يائس، أي أنها على قاب قوسين أو أدنى من الانقراض.
وعلى الرغم من تحسن أعدادها إلى حد ما في البحر الأبيض المتوسط ، إلا أن فقمة الراهب تظل من الأنواع النادرة نسبيًا، ويصعب مراقبتها باستثناء بعض المناطق اليونانية والتركية، وقد تم إدراجها في قائمة "مهددة بالانقراض"، وفقًا للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وفي لبنان، وعلى مدى ما يقرب من 20 عامًا (2003 - أبريل 2020)، تم تسجيل 47 مشاهدة لفقمة الراهب.
وتشاهد وفي حالات نادرة على طول الشاطئ اللبناني والمغارات الموجودة عليه من الروشة وحتى طرابلس منها 17 مشاهدة مختلفة، بين الأعوام 2016 و2020، تضمنت توثيقا بالصور والفيديو، في الروشة والضبية وعمشيت وصولا إلى جزر النخل في طرابلس، وتطالب جمعيات بيئية عدة، بمشاريع تتابع مراقبتها وتعدادها وبصورة منتظمة لفهم تواجد النوع بشكل أفضل وحمايته.
ويمكن أن تعيش فقمة البحر الأبيض المتوسط حتى 50 عامًا، وتصل إلى البلوغ الجنسي بعمر 5 سنوات، وتلد صغارا يبلغ طولها حتى 80 سم، والتي يمكنها السباحة والغوص بعمر أسبوعين، ويتم فطامها بعمر 16-17 أسبوعا (حوالي 4 أشهر)، لتبدأ بالتغذي كما هو الحال مع البالغة منها على مجموعة كبيرة ومتنوعة من الكائنات البحرية، وعادة ما تأكل ما يصل إلى 3 كيلوغراما يوميًا وتبتلع طعامها بدلاً من مضغه.
تاريخيًا، كانت فقمة الراهب تتواجد على الشواطئ المفتوحة للراحة وللتكاثر، ولكن نظرًا لقرون من الاضطهاد البشري وبسبب طبيعتها الأليفة وعدم خوفها من البشر، تم القضاء على الكثير من مواطنها الأصلية. الآن وكإستجابة للضغوط البشرية، تميل الإناث إلى الولادة في الكهوف البحرية البعيدة. تفضل الإناث الكهوف حيث لا يمكن رؤيتها هي وصغارها، وتميل إلى هذه الكهوف أيضًا كونها تحتوي على بعض المداخل / طرق الهروب الخفيفة، ولانخفاض مخاطر انجراف الجراء في المياه، وتنجذب إلى الشواطئ الداخلية ذات الركيزة الناعمة، والتي لا يمكن الوصول إليها بسهولة من قبل البشر. بشكل عام، يُعتقد أن فقمة البحر المتوسط تغوص وتتغذى في المياه الضحلة القريبة من الشاطئ، تعتبر فقمة البحر المتوسط من الحيوانات المفترسة الانتهازية وتتغذى على مجموعة متنوعة من الفرائس بما في ذلك الأسماك العظمية ورأسيات الأرجل (الأخطبوط الشائع الأخطبوط الشائع) والقشريات.
وقد وجه مواطنون من جبيل وناشطون بيئيون عريضة (المستندات 2، 3، موقعة من مئات منهم عريضة إلى وزارة البيئة، السياحة، الأشغال العامة والنقل، الداخلية والبلديات، الثقافة، والطاقة والمياه وإلى الأونسكو، بهدف حماية مغارة الفقمة والمنطقة المجاورة، وتصنيف المغارة والمغاور المجاور والشاطئ المحاذي لها محمية طبيعية ومنع التعدي عليها.
وكانت بلدية عمشيت قد وجهت كتابا يحمل فيه الرقم 436 بتاريخ 1/6/2022 للسيدة بهنام بالموافقة على استمرار الأعمال بعد تعديل مستوى البناء (الحفريات على عمق 2 متر وبهدف الوصول إلى 7 أمتار) وعدم استخدام التفجيرات والآليات الثقيلة (التي لم يتم الإلتزام فيها).