info@zawayamedia.com
إقتصاد

العقوبات على مصرف لبنان... هل تخرجه من النظام المالي العالمي؟!

العقوبات على مصرف لبنان... هل تخرجه من النظام المالي العالمي؟!


لم يعكّر صفو الإطمئنان على ذهب لبنان إلا ازدياد التوقعات بإمكانية فرض عقوبات على مصرفه المركزي. فالذهب، الناجي مرة من "أنياب" الدائنين الأجانب حاملي سندات "اليوروبوندز"، كونه ملكية خاصة وليس عامة للدولة. والسالم كل مرة، من "مخالب" السلطة السياسية، كونه يتطلب توفّر التوافق المستحيل للأكثرية البرلمانية... قد يهلك في حال تعرض مصرف لبنان للعقوبات.


ردود الفعل على ما قالته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن إمكانية تعرض مصرف لبنان، وليس حاكمه، لعقوبات تخرجه من النظام المالي العالمي، تتوالى تباعاً. فالصدمة الأولى التي أحدثها المقال، تبعها العديد من الأسئلة عن مصير الذهب ومؤسسات المركزي العديدة، مثل: طيران الشرق الأوسط، كازينو لبنان ومؤسسة انترا، والكثير من العقارات والأراضي التي يملكها. فهل يحجز على الذهب مثلاً؟


وهل هناك إمكانية لمصادرة طائرات "الميدل إيست" عندما تهبط في احد المطارات الاجنبية؟


وهل من المحتمل وضع علامات على الأراضي والعقارات ويمنع التصرف بها؟ وبذلك ينطبق علينا المثل القائل: "لا بالشام عيّدنا ولا بدمّر لحّقنا العيد" فتضيع علينا فرصة الاستفادة من الذهب والمؤسسات لإنقاذ الإقتصاد، او الاستفادة منها لدفعة قوية مع بدء الاصلاحات والدخول في برناج مع صندوق النقد الدولي.


مصادرة أصول "المركزي"


مع انفجار الأزمة صدر العديد من الاقتراحات الرسمية وغير الرسمية، التي تطالب بالاستفادة من ثروات لبنان "النائمة". ففي حين طرحت ورقة بعبدا (ورقة لجنة الخبراء التي عرضها رئيس الجمهورية على رؤساء الأحزاب والكتل النيابية في بعبدا)، بيع نسبة 35 في المئة من مؤسسات "المركزي" لتأمين واردات إضافية للخزينة...برز العديد من الأصوات التي تطالب بالتصرف بالذهب بيعاً أو رهناً.


ولكن حتى التفكير بالتصرف في هذه الثروات سيصبح محرّماً في حال صدقت توقعات "وول ستريت جورنال"، وتعرض مصرف لبنان للعقوبات. "إلا انه لغاية اللحظة فإن العقوبات ستكون محصورة بالأشخاص في حال صدورها"، بحسب ما يؤكد مدير أنظمة الدفع سابقاً في مصرف لبنان رمزي حمادة، "وهي لن تطال مصرف لبنان. لكن في حال كان المستهدف هو "المركزي" ككيان، فان مؤسساته ستكون عرضة للملاحقة، وثلث ذهبه الموجود في أميركا سيتعرض للحجز".


وبرأي حمادة "من المهم التمييز بين العقوبات التي تصدر عن الأمم المتحدة والتي تعتبر إلزامية لكل الدول والمؤسسات حول العالم، وبين تلك التي تصدرها الولايات المتحدة الأميركية حيث لا يعتبر تطبيقها إجبارياً على كل الدول. إنما في لبنان ونظراً لتوسع التعامل بالدولار حيث نسبة دولرة الودائع تبلغ أكثر من 80 في المئة، فان القطاع المصرفي مجبر ككل على تلبية طلبات الإدارة الأميركية، التي يستخدم عملتها، لحماية النظام الاقتصادي "المدولر"، وإلا يخرج من النظام المالي العالمي". وبحسب حمادة فان "المصارف اللبنانية تحترم القرارات الدولية وتطبقها. وهو ما سبب لها المشاكل مع بعض الأطراف الداخلية قبل مدة ومحاولة ترهيبها، كما حدث مع بلوم بنك وقت تم وضع عبوة ناسفة أمام مركزه الرئيسي".


رفع الغطاء عن "الحاكم"


إلتزام المركزي والمصارف اللبنانية بالشروط والقوانين الدولية يبدو انه كان استنسابياً خلال الفترة الماضية. و"لقد اصبحت الدول الكبرى على قناعة بأن الاهتراء والفساد قد ضربا جميع مفاصل الدولة، ومنها حليفها حاكم مصرف لبنان"، يقول الخبير الإقتصادي فادي جواد.


و"قد رأى بعض المصادر أنه تم رفع الغطاء عنه اميركياً. وما عصبيته المبالغ بها قبل يومين خلال مقابلة تلفزيونية، سوى دليل على سوء الوضع الذي لا يحسد عليه".


وعلينا، بحسب جواد، "ان نقرأ التحولات والاحداث الاخيرة، بدءاً من أول اختراق ضخم للمجتمع المدني في الانتخابات الجامعية، مروراً بفتح ملفات فساد على التلفزيونات بشكل منظم، وصولاً إلى توقيف عدد من القياديين.. وهو ما يدل على ان هناك تغييراً هيكلياً قادماً لم تلحظه المنظومة الحاكمة بنظرة استراتيجية".


أما عن العقوبات على مصرف لبنان فهي "جدية وقريبة"، برأي جواد. حيث تفيد معلوماته المستقاة من جولته الأخيرة بأن العقوبات على مصرف لبنان سوف تصدر خلال الايام القادمة.


"فتفشيل التدقيق الجنائي، وانسحاب "ألفاريز ومرسال" بسبب عدم تلقيها المعلومات المطلوبة للقيام بمهمتها، وعرقلة عملها من قبل مصرف لبنان الذي لم يتعاون اطلاقاً، لن يمر مرور الكرام"، يقول جواد.


"هذا بالاضافة الى مجاهرة بعض الأطراف علنياً ان احد اسباب تطبيق العقوبات هو وجود شبهات على بعض العمليات".


نتائج تنفيذ عمل دولي بهذا الحجم ستكون كارثية على لبنان، فهي لن تخرجه من النظام المصرفي العالمي فحسب، إنما سوف "تشل البلد وتوقف استيراد الدواء والنفط والمواد الاولية واحتياجات البلد الرئيسية"، يقول جواد. "وهذا معناه ان الطريق وصلت إلى نهايتها وارتطم لبنان في القاع".


ثلثا الذهب موجودان في الداخل


الخوف بحسب العديد من المسؤولين المصرفيين في حال أخذت العقوبات على المركزي منحى جدياً يتركز على ثلث الذهب الموجود في نيويورك، أما الثلثــان المتبقيــان اللذان تم شراؤهمــا في العـــام 1964 فهمـــا "موجودان في خزائن مصرف لبنان"، ومحيّدان ومحرران من أي قيود أو رهونات أو خلافه"، كما قال حاكم المركزي رياض سلامة، ويعتبران ثروة صافية تقدر بحوالى 12 مليار دولار بأسعار ذهب اليوم.


أما الثلث الموجود في الخارج فهو "لم ينقل عمداً كما يعتقد البعض"، بحسب حمادة، "بل جرى شراؤه في العام 1971.


وما حدث انه في هذه الفترة اشترى مصرف لبنان بحاكمية الياس سركيس كمية كبيرة من الدولارات بعدما شاهدوا ضعف الفرنك الفرنسي أمام الدولار، ما أثار حفيظة فرنسا ورئيسها شارل ديغول فتم تبديل الدولار بالذهب بنفس الكمية وبقي الذهب في الاحتياطي الفيدرالي في أميركا.


في جميع الأحوال، لا كمية الذهب الموجودة في الداخل، ولا مال العالم كله ينفع في حال بقاء هذه السلطة السياسية.


فتعمّد الاستمرار في تفشيل الاصلاحات وتبديد ثروة اللبنانيين مرة بالدعم ومرة ببيع الأصول، ومرات كثيرة في تفويت الفرصة في الدخول في برنامج جدي مع صندوق النقد الدولي، سيقود إلى انفجار اقتصادي واجتماعي لن يستثني أحداً من مفاعيله.


خالد أبو شقرا - نداء الوطن


 


"زوايا ميديا"

قسم التحرير

تابع كاتب المقال: