تناقلت وسائل التواصل الإجتماعي صورة حيوان تم قتله، على مقربة من قطعان مواشٍ تعرضت لسلسلة من الهجمات تسببت بخسائر في منطقة أعالي كسروان وبشري، ما دفع البعض للدعوة لقتل بعض الحيوانات البرية التي يمكن أن تشكل هذه المواشي فريسة لها وعلى رأسها الذئب الرمادي وابن آوى والضبع وغيرها.

وقد تسبب الصيد الجائر لفرائس هذه الحيوانات وقلة الغذاء، فضلا عن انحسار الموائل بسبب المد العمراني، وأزمة النفايات وخصوصا رميها في الجرود وعلى مقربة من الأحراج، في اقتراب هذه الحيوانات من المناطق السكنية ما تسبب باعتداءات عليها من قبل السكان.

ولأهمية منشور كتبته صفحة "درب عكار على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" تحت عنوان "الذئب الرمادي في قفص الاتهام، من اكل المواشي ولماذا !"، ليتبين أن من قضى على المواشي هو كلب شارد.

ونورده هنا.

استفاق رعاة المواشي في اعالي بشري وكسروان على سلسلة من الهجمات على قطعانهم من قبل حيوانات مفترسة ذهب ضحيتها عشرات الرؤوس وسببت خسارة فادحة لبعضهم.

وكالعادة عادت الاساطير الفلوكلورية عن حيوانات هجينة بين الضباع والذئاب تسمى "بالشيب" او "الشيبة" وبالطبع فإن هذه الاقوال يدحضها العلم، فلا امكانية لحدوث تزاوج بين فصيلين من عائلتين مختلفتين كلياً.

ومع الجدل القائم توجهت اصابع الاتهام نحو احدى الانواع الفرعية للذئب الرمادي وهو  Canis lupus pallipes  او كما يسمى بذئب جنوب غرب آسيا، وهو نوع من الذئاب التي عادت لتنشط في المرتفعات الجبلية اللبنانية، وأكّدت هذه النظرية تعرض أحد هذه الذئاب للقتل من قبل  أحد الرعاة وتداول صورته على وسائل التواصل.

وقبل الشروع في الدعوة الى هدر دم الذئاب، وهي الكائنات المهددة اصلاً بالانقراض، يجب علينا فهم سلوك هذه الكائنات التي تسعى كما أي كائن للحصول على قوت يومها عبر عمليات الصيد التي تنفذها.

يحتل الذئب اعلى قائمة السلسلة الغذائية في لبنان متفوقاً حتى على الضبع المخطط، وغالباً ما كانت تأخذ الذئاب في لبنان سلوك الذئاب المنفردة، ساعية الى ما تيسر لها من طرائد صغيرة الحجم كالقوارض والارانب او حتى الطرائد متوسطة وكبيرة الحجم مثل الخنازير البرية التي لها مكانة خاصة في اكل الذئاب، ومع افلات العديد من الخنازير البرية في الطبيعة بشكل غير مدروس، تكاثرت اعداد تلك الخنازير بشكل غير مسبوق، مما وفّر للذئاب كمية وافرة من الغذاء جعلت من الذئاب المنفردة تجتمع لتؤلف قطعان صغيرة قد تتراوح بين 3 الى 10 ذئاب، وعندما عاد الانسان لصيد الخنازير البرية بشكل جائر، تناقص غذاء تلك الحيوانات مما جعلها تبحث عن طرائد سهلة، غالباً كانت عبارة عن مواشي الرعاة الذين كانوا يعيشون بأمان لسنوات خلت، ولم تصادف كلابهم تلك الحيوانات الضارية منذ زمن بعيد.

يعيدنا كل الحديث اعلاه الى خطورة دور الانسان في المنظومات الايكولوجية ان لم يكن مدروساً بعناية والأسوأ ان كان ارتجالياً.

ويجب التنبه الى التمييز بين بنات آوى الاصغر حجماً من الذئاب، والثعالب الأصغر ايضاً والمنتمية الى عائلة مختلفة تماماً.

وتجنباً لإزهاق حياة  المزيد من الذئاب يجب الاخذ بالنصائح التالية:

بالنسبة للرعاة:

-  تربية كلاب من أجناس ضخمة او اجناس تستطيع الدفاع عن القطيع من هجمات الذئاب وان لا يقل عددها في القطيع عن ثلاثة

-  وضع سياج متين ومرتفع حول حظائر المواشي واقفالها جيداً عند مبيتهم

-  تجنب رمي المواشي النافقة في أماكن مفتوحة حتى لا تجذب الذئاب

-  وضع فزّاعات او ادوات تصدر اصواتاً لاخافة الذئاب

-  استعمال وسائل دفاعية غير قاتلة (بنادق مخدرة، اطلاق النار للإخافة وليس القتل..)

-  عدم استعمال السموم والفخاخ لأي سبب من الاسباب

بالنسبة لرواد المشي في الطبيعة:

-  لا تخرج في رحلة للمشي او التخييم وحيداً في مناطق تم التبليغ فيها عن هجمات ذئاب

-  الذئب يميل للهرب من الانسان، لأن الانسان اطول منه واضخم، والعيون في مقدمة الوجه عند الانسان دليل انه مفترس لذلك سيتجنب  الذئب الهجوم عليه.

-  عند مشاهدتك لكلب او ذئب او ابن آوى لا تبادر بالهرب والهرولة فذلك سيحرك لديهم غريزة الصيد لمطاردتك

-  عند اقتراب الذئب منك التزم الهدوء والتقط حجراً او عصى لتدافع بها عن نفسك او لتجبره على الهرب ولكن حاول ان لا تستفزه او ان تظهر نفسك نداً له

-  لا تتعدى على وجار الذئب خصوصا ان كان فيه صغاره، قد تكون الام في هذه المرحلة عدائية جداً وقد تبادر بالهجوم للدفاع عن نفسها

-  ان تعرضت لأي هجوم او جرحت قم بزيارة اقرب مركز صحي لتلقي ابرة كزاز فقد تنقل هذه الحيوانات داء الكلب (السعار).

وفي مجمل الاحوال فإن الذئب هو من اهم حيوانات الطبيعة اللبنانية وله دور مهم جداً  في الدورة  الغذائية والسيطرة على اعداد بعض الحيوانات، وأي خلل يسببه الانسان سينعكس سلباً على اعداده سلباً او ايجاباً وغالباً ما تكون العواقب وخيمة.

لذلك لنحترم الذئب في بيئته ولنحاول كف اذانا عنه، حفاظاً على سيّد البرّية في لبنان.

ونضيف في هذا المجال على المقال السابق، ضرورة تلقيح كلاب الرعاة بلقاح السعار بهدف الوقاية