أبلغ من النتائج المُشرِفة التي افضت اليها الانتخابات النيابية بِلائها المدوية في وجه المنظومة السياسية وقد سحبت باللحم الحيّ الاكثرية النيابية من فم الحوت الايراني الذي كاد يبتلع لبنان، ما تخللها من رسائل لبعض الفائزين بالارقام والخاسرين بالسياسة.
صحيح ان الثنائي الشيعي أوصل نوابه الـ27 الى البرلمان مستعيدا المشهد النيابي ذاته، الا انه خسر الكثير بدءا من نسبة الاقتراع المتدنية داخل بيئته المُرَغَبة المُرَهَبة مرورا بخسارة معركته الوجودية ضد مرشح القوات في بعلبك الهرمل انطوان حبشي، على رغم افراغ سطوة سلاحه وشن حربه الكونية عليه مستخدما جميع انواع الاسلحة في منطقة نفوذه الاقوى، فكان ان حلّ اول الرابحين، وانتهاء بانكسار حلفائه الذين اعلن امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ان معركته لايصالهم، فوصل نصفهم على الاكثر بشق النفس، وقد مارس عالمفضوح ما تيسّر من موبقات في حق العملية الديموقراطية، سجلتها كل جمعيات مراقبة الانتخابات التي نال مندوبوها نصيبهم منها، ولم يفلح. فيما بدا لافتا خروج المرشحين الدائرين في فلك النظام السوري من الندوة البرلمانية من الجنوب الى البقاع والجبل.
اما التيار الوطني الحر، فعكست نتائج صناديق الاقتراع نقمتها على ادائه وممارسات العهد الذي يمثله، فسقط في عرينه الجزيني خاسرا مقعدين احتفظ بهما لأربع سنوات خلت وفقد مقاعد في المناطق المسيحية من المتن الى كسروان والجبل فيما بالكاد وصل رئيسه، ورئيس أكبر كتلة نيابية مسيحية سابقا، جبران باسيل الى الندوة النيابية وقد فاقه بالأرقام الاعلامي الزميل غياث يزبك الداخل حديثا الى الحياة السياسية على صهوة الحصان القواتي.
وفيما تسيّد حزب القوات اللبنانية المشهد المسيحي رافعا عدد نواب كتلته الى ما فوق العشرين، بات ثابتاً انكفاء الحالة الحريرية ثنائيا مع الرئيس سعد الحريري الذي لم يتمكن من "امساك" الصوت السني بحسب ما دعا، وشقيقه بهاء الذي عجز بقدراته الاعلامية التي وظفها للمرحلة عن ايصال مرشح واحد في حين سجل التغييريون من قوى الثورة والمجتمع المدني، خروقات كبيرة في اكثر من منطقة لا سيما في الشوف عاليه والبقاع والجنوب ونحجوا في اختراق المجلس النيابي الذي صُدت ابوابه في وجههم إبان ثورة 17 تشرين، فكسروا حاجزه بأصواتهم الديموقراطية.
امتحان الدولة في الاستحقاق الانتخابي اذاً، مر بنجاح ولو ان هيبة الدولة سقطت امام الدويلة ومشهد رجل الامن يتمنى على مندوبة مُرَهبة ومعتدى عليها ان تتدَبر امرها، خوفا من قوى الامر الواقع، مقابل مشهد رجل الدين الزحلاوي يرشق مناصري حزب "الشيعة شيعة" المعتدين على اهالي عروسة البقاع بالحجارة. الا ان الاهم يبقى في ما ستقود اليه هذه النتائج وقدرة القوى السيادية على قلب موازين القوى واحداث التغيير المرجو تمهيدا لبدء اخراج لبنان من جهنمهم، خصوصا ان الاستحقاقات الحكومية والرئاسية المقبلة شديدة التعقيد.
حزب الله أقر بالخسارة البرلمانية، اذ كشفت مصادر متحالفة مع حزب الله أن "من المرجح أن يخسر "الحزب" وحلفاؤه الأغلبية البرلمانية، بحسب ما أفادت "رويترز". كما نقلت عن المصادر أن “حزب الله وحلفاءه لن يحصلوا على أكثر من 64 مقعدا من أصل 128".
الى ذلك، اعلنت إيران، في أول تعليق على نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية، أنها تحترم أصوات الناخبين في هذه الانتخابات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة في مؤتمر صحافي أسبوعي: “تحترم إيران تصويت الشعب اللبناني. إيران لم تحاول أبدا التدخل في الشؤون الداخلية للبنان”.
بدوره، غرّد السفير السعودي في لبنان وليد بخاري عبر حسابه على "تويتر": "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم".
رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أكد أن "هناك نوعًا من المقاطعة الشيعية لذلك حاول الثنائي الشيعي بكل ما له من قوة في الدولة اللبنانية أن يمدد فترة الانتخابات ساعتين أو 3 ساعات لكن المسؤولين لم يرضوا بذلك وقد أتى هذا الأمر لأن الثنائي الشيعي لاحظ أن نسبة الاقتراع الشيعي متدنية"، مضيفًا: "مثلًا في جبيل فإن نسبة الاقتراع الشيعي متدنية تقريبًا بـ 2000 مقارنة ما كانت عليه في 2018 مع العلم أن كل الأصوات لحزب الله وحركة أمل هو 9000 مقترع ما يعني أن هناك انخفاضًا بنسبة 20% تقريبًا".وقال: "بكل الأحوال أنا أفضل الانتظار لنرى نسبة الاقتراع النهائية ومقارنتها بانتخابات 2018"، لافتًا إلى أنه ليس متأكدًا "من أن هناك تراجعًا كبيرًا في نسبة الاقتراع ففي المناطق التي يوجد فيها تيارات تغييرية وأحزاب معارضة كالمناطق التي يتواجد في حزب القوات اللبنانية زادت نسبة الاقتراع أما المناطق التي يتواجد فيها حزب الله وحركة أمل فانخفضت نسبة الاقتراع".وأكد جعجع أن "المجلس النيابي القادم سيكون أفضل بدرجات من المجلس النيابي الحالي ومن الممكن أن نتمكن من إحداث التغيير المطلوب ولكن بطبيعة الأحوال لن يكون بهذه البساطة"، قائلًا: "مثلًا نشهد ما حدث في العراق بالغم من انتصار "المعارضة" في العراق ولكن لا يمنع من أنه أفضل من أن يستمر فريق إيران بالسيطرة على مجلس النواب".
زوايا ميديا + وكالة الأنباء المركزية