يسلط البروفسور داني عازار وفريقه العلمي في دراسته الأحدث الأضواء على ثروة لا تقل أهمية عن الثروات المنتشرة في بلدنا الصغير لبنان، وهي مادة العنبر التي لا تقدر بثمن من الناحية العلمية، حيث اكتشف وصنّف أربعة أنواع جديدة من المستحثات من العصر Barremian والتي تعود إلى 130 مليون عام، وقد نسبت معظمها للبنان، لتضاف إلى اكتشافات أخرى في أكثر من 430 منطقة مختلفة في لبنان، وأنواع عديدة ومتنوعة من الكائنات الحية المحفوظة في العنبر اللبناني، وليسجل للعلماء والمثقفين في لبنان إنجازات تفوق قرائنهم حول العالم، وتنير بصيص أمل في ظلام لبنان الدامس.
وحتى الآن تم اكتشاف 28 موقعًا بين الـ 430 تعطي عينات العنبر فيها مستحثات من مفصليات كالحشرات والعناكب وغيرها من كائنات حية، من العنبر في لبنان وهي تشكل ما لا يزيد عن 6 بالمئة من العنبر المكتشف، ومعظمها من قبل البروفسور عازار وفريقه العلمي في الجامعة اللبنانية، كما وشارك عازار بالكثير من الدراسات العلمية حول العنبر في العالم مع علماء وباحثين من بلدان عدة، وقد كرمته الصين، كما وكرمته فرنسا بأن أصدرت وتصدر طوابع لاكتشافاته في هذا المجال.
وقد تم الحصول على عينات هذه الحشرات من العنبر الموجود في منطقة المديرج – حمانا وهي نوعين Microserphites libanensis و Cretaceomma libanensisوبسكنتا – قناة باكيش وهي نوعين Leptoserphites pabloi وLeptoserphites ireae وهي من أقدم سلالات الدبابير الطفيلية من عائلتي Serphitidae و Gallorommatidae في العالم. وقد سميت حشرات الـ Leptoserphites على اسم بابلو وإيريا معلوف، إبن وإبنة رامي معلوف وحفيدي الدكتور منير معلوف مكتشفي موقع قناة باكيش للعنبر ومشاركين في كتابة المقالة العلمية، أي أن هذه المستحثات نسبت علميا إلى لبنان.
ويعتبر العنبر اللبناني من بين أهم أنواع العنبر الموجود في العالم، حيث يوثق التنويع الأولي للعديد من سلالات الحيوانات الحشرية الموجودة واختفائها من بعض مجموعات الحشرات القديمة، وهي أجداد الحشرات الحديثة الموجودة في العالم اليوم، ويعتبر توثيقها مهم علميا لجهة فهم تطور هذه الأنواع عبر الحقبات التاريخية السحيقة.
ورأى عازار في حديثه لـ "زوايا ميديا" أن "الكثير من هذه الثروات لن يقدر لنا اكتشافها بسبب الكسارات والمقالع التي قضت على إعداد هائلة من الصخور المحتوية على العنبر"، وأضاف: "دعوت وأدعو من جديد السلطات اللبنانية والنواب الذين سيتم انتخابهم إلى إيلاء البيئة والطبيعة في لبنان إهتمامهم الاكبر، فهي ثروة لا تنضب إن تم التعامل معها بصورة علمية ومستدامة، مع دعوتي لتحويل قسم كبير من هذه الأماكن إلى متاحف جيولوجية طبيعية، ويمكن لهذه أن تساهم بجعل لبنان قبلة للسياحة العلمية والبيئية".
رحلة علمية مع البروفسور عازار في تاريخ لبنان عبر المتحجرات!https://t.co/iHir4kfS7E #fossils #paleontology @Dany_Azar@SibelleMaksoud @academia @LebaneseUni @DaouSuzanne @05c7aaa13a61400 @anwarakldaou @GhinaNahfawi
— Zawaya Media (@MediaZawaya) March 13, 2021
ويحفل لبنان بالعديد من المستحثات الكهرمانية التي تعود إلى العصر الطباشيري السفلي وتحديدًا الـ Barremian، ويحتوي الكهرمان (العنبر) اللبناني على العديد من العائلات المنقرضة (بعضها معروفة فقط من لبنان) فضلا عن سجلات لأقدم ممثلي العديد من العائلات الحديثة المفصليات الأرضية، وتشمل أهميتها العلمية في معظم الحالات، بكون هذه الكائنات المحفوظة في العنبر اللبناني تشكل "الحلقات المفقودة" بين الكائنات الحية القديمة المنقرضة والحديثة، كما وأن دراسة شوائب العنبر اللبنانية هي الطريقة الوحيدة التي تعطي فكرة عن تحديد التنوع البيولوجي والبيئة في شمال شرق قارة غندوانا Gondwana التي كانت تشمل أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية)، أميركا الجنوبية، أفريقيا، مدغشقر، أستراليا، وكذلك شبه الجزيرة العربية وشبه القارة الهندية، حيث كان لبنان في هذا الماضي السحيق يقع على الشاطئ الشمالي لقارة غندوانا العظيمة، بجوار محيط تيثيس Tethys.
وقد نشرت هذه المقالة في مجلة Palaeoentomology العلمية العالمية المتخصصة بدراسات الحشرات المتحجرة و الصادرة في نيو زيلاندا.
