info@zawayamedia.com
لبنان

ديكارت اللبناني... أنا فاسد إذا أنا موجود!

ديكارت اللبناني... أنا فاسد إذا أنا موجود!


بات للفساد في لبنان أيديولوجيا، منظومة من الأفكار تصارع لتبقى، أو لنقل صراحة، لقد تحول الفساد إلى "مذهب فلسفي" يراوح بين البراغماتية والذرائعية وإن كانا لا يختلفان في الجوهر بما يمثلان من توجه نفعي، لكن بـ "خلطة لبنانية" لا يفك أسرارها إلا من واكب تجلياتها في السياسة، باعتبارها ترجمة عملانية لتوجهات نخلص معها إلى أن بعض السياسيين لسان حالهم "أنا فاسد إذا أنا موجود"، متخطين المقولة "الديكارتية" إلى ما أمدونا به من "نفحات" فكرية على قاعدة "الشاطر ما يموت"، فحولوا السياسة ومواقعها مصدرا للتكسب وتكديس الأموال ومراكمة الثروات.


ولأن الفلسفة صراع أفكار وأسئلة واجتهاد فنحن اليوم أمام فاسدين يحاولون حرف الأنظار عن ارتكاباتهم، فبعضهم يتحدث عن مؤامرة، ولا نستبعد غدا أن يطالعنا فاسدون بالحديث عن أنهم مستهدفون من الماسونية العالمية أو أنهم "ضحايا" توجهات صهيو - إمبريالية، في سعي حثيث لتحويل فعل الفساد إلى "بطولة" من خاصرة "إستهدافات" دولية استشرف أصحابها في دول عظمى خطرا على السلم والأمن العالميين، وأن هناك بين الفاسدين من يسعى لتخصيب اليورانيوم، وأن العالم لا يحتمل أن يمتلك لبنان سلاحا نوويا، ولا نستغرب كيف أن بين من امتهنوا الفساد ثمة لا يتوانون عن أن يتدثروا بغطاء الطائفة والمذهب، ويقدمون أنفسهم على أنهم ضحايا ليخفوا ما ارتكبوا من جرائم وما ابتدعوا من أساليب لزيادة ثرواتهم.


في لبنان، نعيش اللامعقول منذ سنوات الحرب الأهلية إلى الآن، فمعظم السياسيين دخلوا معترك السياسة وهم لا يملكون شروى نقير، فإذا بهم يتحولون أثرياء في غفلة من زمن، ولا نعلم كيف أفاض الله عليهم من نعمه، وبالتأكيد لا نقارب هذا الأمر من عين حاسدة، همنا أن نجد تفسيرا لهيجان الفساد، من التلاعب بالمال العام، إلى فضائح المولدات، إلى بعض القضاء، إلى الضمان، إلى الليطاني، إلى ملف النفايات والتلزيمات والمحاصصات... الخ، وستتكشف قريبا فضائح من خاصرة الفساد عينه.


ثمة الكثير آت على بحر الفساد أيضا، ويبقى لسان حالنا أن أيديولوجيا الفساد لما تزل ممسكة بتلابيب الدولة، ما يؤكد أن ثمة ديكارت "اللبناني" لا يني يطلق مقولته الشهيرة: أنا فاسد إذا أنا موجود!

أنور عقل ضو

أنور عقل ضو

رئيس التحرير