info@zawayamedia.com
بيئة

كلبة الضنية تالا معنّفة وعمياء... وإزالة قضيب حديدي من جسدها!

كلبة الضنية تالا معنّفة وعمياء... وإزالة قضيب حديدي من جسدها!

ليس الأمر بسهل عند الحديث عن الرفق بالحيوان، في بلد يعاني الأمرين لجهة الأزمة الإقتصادية التي أصابت جميع فئات المجتمع اللبناني، أو الأزمات المختلفة التي تمس كل فرد في المجتمع، فعلى سبيل المثال، فالكثير من اللبنانيين يعانون من الفقر المدقع، فعلى طاولة الغداء أو الإفطار الرمضاني أو السحور، لقيمات قليلة تصل إلى بعض الموائد، فالخبز أصبح وليمة لدى البعض، ومنتجات الألبان والأجبان واللحوم والدجاج، أصبحت من المأكولات الفاخرة، أما الخضار فحدث ولا حرج، أصبحت أسعارها تتجاوز الفواكه بضعفين إن لم يكن ثلاث، إلا أن الرفق بالحيوان لا يكلّـف النفس شيئا، بل نذرا بسيطا من الرحمة والتراحم، ولكن يعطي المرء الكثير من الرضا والقناعة والشعور بالإنجاز، وهو ما يشعر به كل منقذ للحيوان، وكأن هذا الشعور أصبح إدمانا، لا يتورع الشخص منهم عن بذل الغالي والرخيص في سبيل هذا الشعور، الذي يكتسح كل شيء.


وفي هذا المجال، فالـ "قضية" التي أثارها موقعنا "زوايا ميديا" حول قيام أستاذ ومربي أجيال بإطلاق النار مرتين على كلب وتبين بعدها بأنها كلبة أنثى لم يصل عمرها إلى عام في قرية بيت الفقس - الضنية، فإن فصولها لم تكتمل بعد، فبعد أن تسبب فيها بالمرة الأولى بفقء إحدى عينيها أدت في المرة الثانية إلى إصابة في القائمة الأمامية، وبعد إنقاذها من قبل شباب من البلدة، وبعد حملة على مواقع التواصل الإجتماعي، وصل الخبر إلى جمعية "كارما" للرفق بالحيوان التي تبرعت بنقلها إلى طرابلس ومحاولة إسعافها، ليتبين أن "تالا"، مصابة بالعمى الكلي، وفقا للفيديو الذي شاركت به الناشطة في مجال الرفق بالحيوان غنى نحفاوي على صفحتها على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر"، وكانت قد تابعت القضية وكشفت اسم الأستاذ الجاني في وقت سابق، للرابط هنا.



وفي هذا المجال، قالت نحفاوي لـ "زوايا ميديا": "أتواصل بشكل مستمر مع الناشطين في جمعية (كارما)، التي لم تتوانَ يوما عن مساعدة الحيوانات على الرغم من كل الأزمات وخصوصا الإقتصادية، ووفقا للمعلومات الأولية التي وصلتني، فالكلبة المصابة عمرها أقل من سنة وفي مستشفى بيطري، ويجري علاجها من جراحها، والتهابات في عينها المصابة، وفي قائمتها، كما وأن هناك إصابة بطلق ناري في ظهرها، وتم إزالة الشعر عن جسدها للتأكد من عدم إصابتها في أماكن أخرى من جسدها"، وأشارت إلى أن "الكلبة أليفة للغاية، وقد تفاعلت مع منقذيها، وتناولت الطعام، وتعرفت عليهم على الرغم من عماها، إذ يمكن أنه للمرة الأولى منذ فترة، تشعر بالحنان والأمان، وسيجري تقييم حالتها ليتم علاجها، لتتعافى تماما"، وأضافت: "لم تقم هذه الكلبة بإحداث أي أذى على الرغم من ألمها أثناء علاجها، هي حالة محزنة للغاية، وبسبب إعاقتها هذه، فقد يكون تبنيها صعبا في لبنان، ويمكن أن يتم تبنيها وترحيلها إلى الخارج، لتعيش حياة أفضل من المجرم الذي تسبب لها بهذه العاهة المستديمة".


وأشارت إلى "متابعة القضية حتى ينال هذا الجاني واسمه أحمد  جزاءه، وقد توجهت بمنشوراتي إلى وزارات وجهات عدة لإجراء المقتضى القانوني ولا سيما وزارة التربية والتعليم العالي بشخص الوزير القاضي عباس الحلبي، بمتابعة القضية، خصوصا وأن هذا الأستاذ في الملاك الرسمي، فكيف نأتمنه على طلاب، وهو معنّف لمخلوقات الله وبهذه الصورة البشعة"، وتابعت: "ستبدأ حملة مضادة كالعادة، بأننا نهتم بالحيوانات أكثر من البشر، وأننا نحاول (قطع رزق) هذا الأستاذ، وغيرها من التعليقات المشابهة، وأرد على الجميع بالقول، هذا الشخص لم يرحم مخلوقات الله من قبل، ولم يتورع عن ارتكاب فعله وبين البيوت وعلى مقربة من الناس ما يعرض السلامة العامة للخطر، فعندما ندافع عن حيوان ما، ندافع عن كل محيطنا من بيئة وكائنات حية، وعن قطع رزق أحدهم، أرد بأن الحياة دورة فكل ما تقوم به يرتد عليك، فإن آذيت ولم ترحم، فتوقع أن تواجَه بالمثل".


وفي هذا السياق، تواصلنا مع زينب رزوق رئيسة جمعية "كارما" للرفق بالحيوان، وكانت تنقل كلبين إلى مستشفى بيطري وقالت لـ "زوايا ميديا": "الجمعية تأسست منذ ثلاث سنوات، وأنا شخصيا ناشطة منذ أكثر من سبع سنوات، والحمدلله، تضم حاليا 30 ناشطا، نعمل معا ونقوم بالتناوب في إنقاذ الحيوانات في ملجأ قمنا بإنشائه في الكورة بعيدا عن المساكن والطرق، وبالإضافة للتبرعات العينية والمادية التي لا تكفي في معظم الوقت، نتبرع من مداخيلنا لاستمرارية الجمعية، وقد بدأت الجمعية تثبت نفسها في هذا المجال، وتنال ثقة الجميع، من مواطنين ومتبرعين وأطباء ومستشفيات، وأود بداية بالتنويه بمستشفى Healthy Pet Hospital (HPH) في جبيل، والتي تم نقل تالا إليها، بعدما وصلت إلينا، والتي تصبر علينا كثيرا، وحاليا فإن فاتورتنا وصلت إلى حوالي 3500 دولارا، وعلى الرغم من ذلك، لم تطالبنا يوما، كما أود أن أشكر الدكتور سمعان الهندي، الذي لم يتوانَ يوما عن مساعدتنا، وكذلك فإن فاتورتنا لديه تجاوزت ألف دولارا، ولكنه رد علينا عندما اعتذرنا بسبب قلة الموارد، بأنه يعلم بأننا سندفع عندما نستطيع، وهو يلبينا كما المستشفى وبدون أن يطلب الدفع مقدما".


وعن تالا، وصفت رزوق حالتها: "لا بد من شكر شباب الضنية التي تبرعوا بإيصال تالا إلى الجمعية على الرغم من المشاكل التي واجهتهم، ولكن لا يمكنني وصف حالة الكلبة حين وصلتنا، فقد كانت ترتجف خوفا من الجميع، وعلى الرغم من ذلك، ونظرا لما تعرضت له من تعنيف وإصابات، لم تقم بأي تصرف عدائي، فجراحها وبعد عشرة أيام من العلاج في المستشفى لم تلتئم بعد، فكلها ملتهبة، ولا زلنا نعالجها في الملجأ، تمهيدا لشفائها في المرحلة القادمة، وقد اضطر الجراح لاستئصال عينها المصابة، أما العين الأخرى فيأمل الطبيب أن تتمكن من أن ترى فيها بعد علاجها، ولكن بنسبة قد لا تتعدى 30 بالمئة"، وتابعت: "كل ظهرها مصاب بطلقات من الخردق، وكذلك قائمتها الأمامية، وقد أخرج الطبيب قطعة (شلف) من الحديد من ظهرها، ولا أدري مقدار التعنيف الذي تعرضت له تالا، كما لا يمكن إلا أن أشعر بما تشعر به، بأن تستيقظ يوما أعمى، وفي عمرها الصغير، ولكن الأهم الآن أنها تشعر بأمان، وبدأت تتأقلم مع إصاباتها وتألف محيطها، وتلعب مع رفاقها في قفص في ملجأ خاص بالجمعية، يوجد فيه 5 كلاب عميان آخرين".


وتطرقت رزوق إلى مشاكل الملجأ فقالت: "نعتني بكثير من كلاب الشارع، ولا ننقل إلا الحالات التي تتطلب العناية إلى الملجأ، كما هو الحال مع تالا، ويوجد حاليا 90 كلبا، ثلثهم حالات خاصة، فلدينا 6 كلاب عميان، و7 كلاب مصابون بالشلل، و20 كلبا يفتقدون إلى قائمة أمامية أو خلفية، كما وأن جميع الكلاب الذكور لدينا قمنا لهم بعمليات خصي كي لا يتكاثروا، وكون الكلفة أقل من تعقيم الإناث بنسبة تصل إلى النصف، حيث نصف الإناث قمنا بتعقيمها، ولكن بسبب الجائحة والأزمة الإقتصادية، فحاليا التكاليف هائلة، فنحن نحتاج لشراء المياه والكهرباء كونها لا تصل الملجأ، بالإضافة إلى المصاريف الروتينية من غذاء وعلاج وغيرها".


وقالت رزوق: "نحتاج كل ثلاثة أيام إلى نقلة ماء تكلف 300 ألف ليرة على الأقل، ومصاريف شهرية تصل إلى 5 آلاف دولار، عدا المصاريف الطارئة كما في حالة تالا، وهذه الحالات أصبحت وتيرتها أكثر مع حجم الجرائم بحق الحيوانات شمالا، فنحن قد نتقبل حالات الدهس كونها تحصل عرضيا ودون تعمد، أما أن يطلق الناس النار على هذه المخلوقات، فهو أمر لا ولن أفهمه أو أستوعبه، ولا يمكنني تبريره، ولا أدري كيف يصب الناس مشاكلهم النفسية والإقتصادية على هذه المخلوقات البريئة، فكمية الإجرام والتعدي على الحيوانات في لبنان عموما والشمال خصوصا أصبح غير مقبول، فلا يمر شهر بدون إصابات بالرصاص تتسبب بعمى أو إعاقة أو شلل أحد الحيوانات، لذا قمنا باعتصام بمشاركة جمعيات عدة من كافة مناطق لبنان منذ شهرين أمام مبنى بلدية طرابلس".


وأضافت: "الجائحة تسببت بتأخر إصدارنا لكتيب حول الرفق بالحيوان موجه لطلاب المدارس، يبحث في حقوق الحيوان وكيفية العناية بها، بهدف تحسيس الجيل الجديد على هذه القضايا، ونحاول حاليا أن ندعو طلاب المدارس لزيارة الملجأ، ليلمسوا عن كثب الحالات التي يحتويها، وبهذا يمكننا التوعية والمساهمة بإنشاء شريحة من المجتمع، يمكنها البناء على أسس سليمة في التعامل مع الحيوانات، كما قد يمكنهم المساهمة في توعية أسرهم  ومجتمعاتهم المختلفة".


وسنقوم بمتابعة حالة هذه الكلبة وصولا إلى تبنيها لتكون عـــِـــبــَر وإضاءة على هذه القضايا التي لا تقل أهمية عن أي قضية تمس المجتمع والبيئة في لبنان، فالتعنيف عام، فمن يعنّف ويؤذي حيوانا، لن يتورع عن تعنيف أي شخص وايذائه، وهذه الظاهرة السلبية أخذت تحتل المواقع الإعلامية، ومواقع التواصل الإجتماعي وتنتشر مؤخرا في لبنان بصورة تدق ناقوس الخطر وعلى كافة المستويات.


للتواصل ودعم جمعية "كارما" على صفحتها على الفيسبوك هنا، وعلى رقم الهاتف التالي: 0096171019020.


 


 

كلبة الضنية تالا معنّفة وعمياء... وإزالة قضيب حديدي من جسدها! 1
سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: