استرعى إعلان على إحدى صفحات موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" إنتباه ناشطين بيئيين، فتواصلوا مع موقعنا "زوايا ميديا"، حيث تم عرض تنين للبيع، ويقوم البائع بترغيب الشاري بأن "هذا التنين لا ينفخ النار بعد، ولكنه ينتج دخانا قليلا، لأنه لا زال صغيرا"!
وأكد صاحب الإعلان بأن هذا التنين "الصغير" موجود بلبنان، وثمنه ألف دولار، وطلب من الجادين التواصل معه، فما صحة هذا الخبر؟ وهل ثمة "تنين" ينفخ النار حقا؟
هذا "التنين" هو نوع من السحالي الطائرة Flying lizard ويطلق عليه أيضا اسم Flying dragon ، ويطلق عليه بالإنجليزية Draco، وهي سحالي تطير بواسطة أنسجة تمتد لتشكل ما يشبه الأجنحة، كما وتستخدم الذيل للتحكم بالطيران، وقد وصفها العالم الطبيعي Carl Linnaeus للمرة الأولى في العام 1758مطلقا عليه الإسم العلمي Draco volans ، وتنتمي لعائلة Agamidae.
تعيش هذه السحالي الطائرة التي قد تبلغ المسافة التي تقطعها طائرة ما يزيد على 30 مترا، ويبلغ طولها حوالي 20 سنتم (8 إنشات) على الأشجار في الغابات الاستوائية المطيرة، في الفليبين والهند وبورنيو وفي جنوب شرق آسيا، وتقريباً لا توجد في أرض الغابة، وتبقى نشطة خلال النهار، وقد تطورت للعيش على الأشجار، وهي آكلة للحشرات، وتتغذى بشكل أساسي على النمل والنمل الأبيض، وتدافع الذكور عن مناطقها بشراسة باستعراض نسيج أصفر من الجلد تحت فكها يسمى dewlap مهددة الذكور التي تعتدي على منطقتها وهي عادة ثلاث أشجار، بينما تتنقل الإناث بين الأشجار بحرية، ويتميز لون هذا النسيج لدى الإناث باللون الرمادي، وبعد التزاوج تضع الأنثى خمس بيوض، تحرسها لفترة 24 ساعة، لتتركها بعد ذلك، وتفقس بعد حوالي 32 يوما.
يرتبط لون هذ السحالي ارتباطًا وثيقًا بلون الأوراق المحلية المتساقطة، على الأرجح كتمويه ضد الطيور المفترسة، وقد تعيش لفترة تصل إلى عشر سنوات، وللأسف فإن معظمها ينفق في الأسر بسبب عدم معرفة كيفية التعامل معها، حيث تحتاج إلى "الطيران" للتنقل بين الأشجار بهدف البحث عن الغذاء والتزاوج وحماية مناطقها وللهروب من الحيوانات والطيور المفترسة، كما وتحتاج في بيئتها إلى حرارة ورطوبة معينة لتتمكن من الإستمرار بالحياة.
ويأتي السؤال التالي، هل تنفث هذه الحيوانات النار أو الدخان؟ والحقيقة أن منشور الإعلان ترويجي وخاطئ تماما، فهذا التنين لا ينفث لا النار ولا الدخان، والهدف هو لبيع هذا التنين، بإضافة صفات مشوقة للزبون المخدوع!
والتجارة بالحياة البرية النباتية والحيوانية بمعظمها تهديد للأنواع، ولا سيما غير القانونية منها، وتقوم بها شبكات مشبوهة، حيث يعتقد أنها أكبر تجارة غير قانونية في الحجم يسبقها تجارة المخدرات ويليها تجارة الأسلحة، على الرغم من صعوبة التأكد البيانات التي تدعم هذا الادعاء، وبرأت مؤخرًا أمانة CITES سايتس هذه الإحصائية. مع ذلك، فإنها تشكل تهديدًا خطيرًا لعدد من الأنواع المهددة بالانقراض والمعرضة للخطر للغاية. كما وأن إزالة الأنواع من المناطق التي هي جزء من التجارة غير القانونية للحيوانات البرية قد يسبب مشاكل وخيمة على النظام البيئي المحلي.
وسواء كان هذا المنشور مزحة سمجة ممن شارك به على مجموعة للبيع والشراء في لبنان، أو أن هذا الكائن الحي حقيقي وموجود لديه، علما أن الصور مأخوذة من الإنترنت، ومن جهة ثانية، فهناك تساؤلات مشروعة، ومعلومات عن الصفحة التي نشرت هذا الإعلان، نضعها أمام المعنيين لإجراء المقتضى، فكيف مرت مثل هذه الأنواع من الزواحف إلى لبنان، وهل هي محمية باتفاقية CITES للحياة البرية، حيث هي موجودة بكثرة في جميع أنحاء مداها وليس لها حالة حفظ خاصة وفقا لـ IUCN، ولكن هل سيكتب لها الحياة إن استمرت في بلد نسمع فيه يوميا بالمشاكل البيئية المزمنة التي تقتل البشر، كما وتتسبب التعديات البيئية والتلوث وغيره بنفوق العديد من الحيوانات المستوطنة؟
