فيما تصارع شريحة كبيرة من الروس لأجل وقف الحرب المستمرة منذ أكثر من شهر ونصف الشهر ضد أوكرانيا، اختار آخرون القتال إلى جانب الأوكرانيين ضد الغزو الروسي بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين.
وكشف تقرير لمجلة "تايم" أن عدد الروس الذين يقاتلون إلى جانب أوكرانيا جاوز المئات.
يقول التقرير إن هؤلاء لا يترددون في وصف بوتين بالعدو، وهم في أغلبيتهم معارضون لسياساته حتى قبل قراره غزو أوكرانيا.
ومن بين هؤلاء المقاتلين، جنود انشقوا عن جيش بلادهم بعد أسرهم، ومعارضون سياسيون مثل الشاب الذي اختار اسم "يان" حتى لا يتم التعرف على هويته الحقيقية.
أصبح يان (30 عاما)، وهو مختص في تكنولوجيا المعلومات يقضي أيامه في البحث عن أهداف المدفعية وإحضار الإمدادات الطبية للجنود الأوكرانيين على الجبهة.
وقال يان لمجلة التايم من منطقة قريبة من العاصمة الأوكرانية كييف، حيث يخدم في قوات الدفاع الإقليمية في البلاد منذ بدء الحرب في نهاية فبراير: "لا ينبغي لأي روسي أن يعبر الحدود بسلاح في يده"، ثم تابع "أنا هنا لأعارض العدوان الروسي وأيضًا للدفاع عن أوكرانيا."
ولإثبات هويته، قدم يان جواز سفر روسيًا ساري المفعول، لكنه طلب الاسم المستعار خوفًا على سلامة عائلته في روسيا.
قال يان للمجلة إنه انتقل إلى كييف من جبال الأورال الروسية قبل ثلاث سنوات خوفا من السجن بعد مداهمة مكتبه.
شاب آخر اختار اسم "فيتيا" كلقب حركي يبلغ من العمر 25 سنة، قال إنه طالب في كلية العلوم السياسية في روسيا، وإنه انضم أيضًا إلى قوات الدفاع الإقليمية الأوكرانية لمواصلة قتاله ضد الحكومة الروسية، بعد أن حضر الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مسقط رأسه موسكو، بحسب قناة "الحرة".
ويقول فيتيا من كييف: "أحب وطني الأم" لكني آمل أن تؤدي هذه الحرب إلى كسر النظام السياسي، مضيفا: "أود العودة إلى المنزل ذات يوم"، وقال أيضا إن والديه، الموجودين في العاصمة الروسية، يعلمان أن ابنهما موجود في أوكرانيا، لكنهما يعتقدان أنه يتبرع بالدم ويساعد المجهود الحربي الأوكراني بطرق أخرى.
وإذا كان بعض الروس الذين يقاتلون إلى جانب الأوكرانيين قد تحدوا بوتين حتى قبل الغزو بفترة طويلة، فإن الحرب قد جلبت آخرين، إلى مصاف المعارضين للرئيس الروسي.
وأدت هذه المواقف إلى تعميق الانقسامات في المجتمع الروسي "ومن المرجح أن يزيد ذلك من إضعاف معنويات الجيش في البلاد" يقول تقرير التايم.
وفي الأسابيع الأولى من الحرب، تعرضت القوات الروسية لانتقادات واسعة بسبب أدائها في المعارك، بينما كانت تكافح دون جدوى من أجل التقدم في العاصمة وحتى للحفاظ على خطوط الإمداد.
ومع انسحابها من ضواحي كييف تم الكشف عن فظائع واضحة ارتكبتها القوات الروسية ضد المدنيين الأوكرانيين في المناطق التي كانت تسيطر عليها.
ويواجه الجيش الروسي الآن تهما بارتكاب جرائم حرب، وهو ما قدر يثير الكثير من الروس، وقد تستفيد الحكومة الأوكرانية، التي وصفت الحرب على أنها صراع بين قوى الظلام والنور، من الانقسام الروسي.
وفي 5 نيسان (أبريل)، أعلن ثلاثة رجال يرتدون زيا عسكريا وأقنعة سوداء أمام مراسلين صحفيين في كييف، عن كتيبة جديدة تسمى "الحرية لروسيا"، تتألف بالكامل من مواطنين روس، بمن فيهم أسرى حرب سابقون.
وفي رسالة إلى إخوانهم الروس، قالوا إنهم غاضبون أخلاقيا من افتقار موسكو للانضباط واستخفافها الواضح بحياة الإنسان، وقال أحد الرجال الذين لم يذكر اسمه إن الحكومة الروسية خدعتهم للذهاب إلى دولة ذات سيادة لتنفيذ ما وصفه بـ "إبادة جماعية".
وبعد أن تم أسره، وإطلاق سراحه لاحقًا، من قبل القوات الأوكرانية، غير موقفه وقرر القتال من أجل أوكرانيا، وقال "لا يوجد فاشيون هنا، ولا نازيون، بل سكان مدنيون، الآن أريد محاربة نظام بوتين الخارج عن القانون حتى يتمكن الناس من التحدث والتنفس بحرية."
وكشف في سياق حديثه، أنه شاهد بنفسه الفظائع التي ارتكبها الجيش الروسي في بوتشا وإيربين وخاركيف، وفقا للمصدر عينه.