أعلن رئيس مجموعة من الضباط العسكريين الروس العاملين والمتقاعدين أن غزو أوكرانيا سيكون "عبثًا وخطيرًا للغاية"، وقال إن ذلك سيقتل الآلاف ويجعل الروس والأوكرانيين أعداء مدى الحياة، ويخاطر بحرب مع الناتو ويهدد "وجود روسيا نفسها كدولة"، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وقال الجنرال المتقاعد الذي كتب البيان، ليونيد إيفاشوف، إنه ظل متمسكًا بهذه التوقعات، رغم أنه لا يستطيع التحدث بحرية في ظل الرقابة الروسية في زمن الحرب. وتابع "أنا لا أنكر ما قلته".
يثير التقدم البطيء والخسائر الفادحة لحرب الرئيس فلاديمير بوتين على أوكرانيا أسئلة حول القدرة التخطيطية لجيشه، وثقته في كبار عملائه ووزير دفاعه المخلص، وجودة المعلومات الاستخباراتية التي يصل إليها، بحسب "الحرة".
كما تتجلى إخفاقات حملة بوتين في مقتل عدد كبير من كبار القادة في المعارك. وتقول أوكرانيا إنها قتلت ستة جنرالات روس على الأقل، بينما تعترف روسيا بوفاة أحدهم، إلى جانب مقتل نائب قائد أسطولها في البحر الأسود.
ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم لا يستطيعون تأكيد عدد القتلى من الجنود الروس، لكن يبدو أن خطة الغزو الروسي قد فشلت بسبب المعلومات الاستخباراتية السيئة.
ومع عدم إحراز الجيش الروسي تقدم واضح في المعارك، بدأ المؤيدين للكرملين في انتقاد الحرب حتى في الوقت الذي تدعي فيه الدعاية الروسية أن هذه الإخفاقات نتيجة حرص الجيش على تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين.
وقال إيغور جيركين، العقيد السابق في وكالة الاستخبارات الروسية و"وزير الدفاع" السابق للانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا، في مقابلة بالفيديو نُشرت على الإنترنت الاثنين، إن روسيا أجرت "تقييمًا كارثيًا" للقوات الأوكرانية، وأوضح جيركين: "لقد تم التقليل من شأن العدو من جميع النواحي".
كما فاجأ الأداء الضعيف للقوات الروسية المحللين، الذين توقعوا في بداية الحرب أن الجيش الروسي الهائل والمتقدم تقنيًا سيحقق انتصار في بضعة أيام. لكن بعد شهر من المعارك، قاوم الأوكرانيين بشدة، ونجحوا في تكبيد الجيش الروسي خسائر فادحة على مختلف جبهات القتال.
وقال يفغيني بوزينسكي، وهو ملازم أول متقاعد ومعلق منتظم في التلفزيون الرسمي الروسي، عن القوات الأوكرانية: "ربما كان هناك أمل في ألا يقاوموا بهذه القوة. كان من المتوقع أن يكونوا أكثر عقلانية".
ورد بافل لوزين، المحلل العسكري الروسي: "يمكننا القول بشكل قاطع أنه لم يتم التخطيط لأي شيء. لقد مرت عقود منذ أن تكبد الجيشان السوفيتي والروسي مثل هذه الخسائر الفادحة في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن".
وأكد أندريه سولداتوف، الكاتب والخبير في الخدمات العسكرية والأمنية الروسية، أن الإخفاقات في أوكرانيا بدأت في خلق انقسامات داخل القيادة الروسية.
وقال سولداتوف إن كبير مسؤولي المخابرات الروسية المسؤول عن الإشراف على تجنيد الجواسيس في أوكرانيا وُضع قيد الإقامة الجبرية مع نائبه. وأشار إلى أن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، الذي كان مرشحا لخلافة بوتين، مهدد بفقدان منصبه. وتابع سولداتوف: "يبدو أن الجميع على حافة الهاوية".
ويرى الخبراء أن مقتل كبار القادة تعكس الإخفاقات الأمنية العملياتية بالإضافة إلى تحديات هيكل القيادة الثقيلة للجيش الروسي في مواجهة قوة قتالية أوكرانية أكثر رشاقة.
وقال الجنرال جوزيف إل فوتيل، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية، إن الوفيات تعكس التحديات التي تواجها روسيا على الأرض. وأضاف: "الاستمرار في خسارة كبار القادة ليس بالأمر الجيد. في النهاية، يؤثر فقدان القيادة على الروح المعنوية ومحاربة البراعة والفعالية".