ليس غريبا في السياسة فن النفاق، بل هو متطور بصورة استراتيجية خصوصا في لبنان، يستحق أن يدرّس ضمن مواد العلوم السياسية، وقد يكون تسميته بـ "كورس فن النفاق" فاقعا، ومخجلا لمن يتبعه في تعاملاته على الملأ وبالسر، ولكنه مفيد، تحت القاعدة "الغاية تبرر الوسيلة"، فالمهم توظيف الأموال، بما ينفع الشخص ولو هدم بلدا ووطنا وأمة وثورة، لذا ربما من الأفضل تسميته بـ "فن التخريب" أو أي تسمية مخففة لآثاره المدمرة آنيا أو في المدى المتوسط أو البعيد.
في رحلات مكوكية لنواب سابقين وحاليين ومرشحين مستقبليين إلى مقر شخصية متسترة منافقة من أعوان السلطة "بالمخفي والمستور"، تمت استمالتهم ليلحقوا بركب "فن التخريب" تحت مسميات جميلة ونقية، بدأ التخريب من زحلة، ففضت اللوائح وضاعت الإئتلافات، لتنتقل العدوى وبعد كل لقاء كالجائحة من منطقة إلى منطقة، ومن دائرة إلى دائرة، عندما يسمح لهذه الشخصية بذلك، لتشيع الفوضى الهدامة، وفق تعليمات وأولويات وبنود مسبقة، تحت واجهة "الإصلاح" و "الإتحاد" لنجد أنها حيثما تحل أو تؤثر، تترك أثرا "تدميريا" خصوصا في اللوائح التغييرية التي يبني عليها الكثير من المواطنين آمالهم.
وليس غريبا على مثل هؤلاء مناغشة السلطة وأن يمشوا مع المظلوم، فالحالتين نقيضين ولكنهما يمثلان "النفاق"، وفي الأولى "يسايرون" باللبناني وفي الثانية "يسايرون ويلعبون" على الوجع، ولا مفر من تصديق البعض للظواهر دون البواطن، لتكشف الأيام المستور، وليتساءل بعدها الناس، ما الذي حققه هذا السياسي أو ذلك على الأرض، بينما الصادقين محيدين، لأنهم لا يفون بالشروط المطلوبة.
بداية هذه الإنتخابات معقدة، لكن الأيام ستكشف ائتلافات جديدة، الأهم أن تكون لصالح الوطن وليست ضد الوطن، وبالنسبة للصادقين من المرشحين، فالموقف بمواجهة الظالمين انتصار بحد عينه.
ونختم أخيرا بما قاله العالم نيوتن حول "فن النفاق":"شخصيا؛ أتعجب ممن يتقنون هذا الفن. فإذا كانت هناك مدرسة أو معهد يدرب الناس كيف ينافقون، كيف يقولون عكس ما يرونه وعكس ما يعتقدونه، دون أن يكشفهم أحد أو تلاحقهم عيون الناس، لكنت من أول الملتحقين بهذا المعهد. للأسف هذا فن لا أتقنه. وحقيقة لا أتمنى أن أتقنه".