info@zawayamedia.com
علوم

مشروبات كحولية من فضلات الطعام... سد رمق الفقراء أم ملء بطون المتخمين؟!

مشروبات كحولية من فضلات الطعام... سد رمق الفقراء أم ملء بطون المتخمين؟!


إذا تأملنا ملياً في عالمنا اليوم وما تطالعنا به مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام ندرك تماماً أنّه عالم مليء بالمشاكل، فعلى الرغم من كل التطورات العلميّة والتكنولوجيّة التي يتم الإعلان عنها يوماً بعد يوم، إلّا أن المشاكل، وعلى كافة مستويات الحياة، لا تزال تظهر واحدة تلو الأخرى.


بعض هذه المشاكل قد تبدو واضحة، فعلى سبيل المثال، يعد تغير المناخ مشكلة عالمية ومعقدة، خصوصا وأن الأنشطة التي تسبب الإنبعاثات متنوعة ومتأصلة بعمق في الحياة الحديثة، ما يعني أن محاولات معالجة هذه المشكلة تصطدم بالعديد من الحواجز بما في ذلك الحواجز المالية والسياسية.


خصوصية وأمان البيانات


وثمة مشكلة ثانية، على سبيل المثال لا الحصر، متعلقة بخصوصيّة وأمان البيانات. فمن المعروف أن الشركات لا تقدم أي شيء بالمجان. بمعنى آخر، عند تقديم منتج أو خدمة مجاناً، فإن الشركات بالتأكيد تأخذ شيئاً في المقابل، وهذا الشيئ هو "بياناتك الشخصيّة"، فكما يقول المثل، "أنت المنتج" لدى هذه الشركات. لكن حتى هذه المشكلة معقولة نوعاً ما، لأن الطبيعة الغازية للتكنولوجيا جعلت البيانات التي تنتجها وتحفظها جزءا من حياتنا، وكل هذا حدث بسرعة كبيرة ممّا جعل تسرب البيانات مشكلة متجذرة.


أرقام مخزية


لكن هل من المقبول العيش والتعايش في القرن الحادي والعشرين مع الجوع؟ هل من المقبول العيش في عالم يعاني فيه حوالي 821 مليون شخص في العالم من نقص التغذية وفقاً لبيانات 2018 الصادرة عن الأمم المتحدة؟ هل من المقبول أن نعيش في عالم يغرق في فضلات الطعام، حيث يُهدر حوالي 1.3 مليار طن من الغذاء على مستوى العالم سنوياً، أي ما يعادل ثلث إجمالي إنتاج الغذاء المحدد للإستهلاك البشري، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الامم المتحدة؟


إذا كانت هذه الأرقام المخزية تدل على شيئ، فهي تدل بالتأكيد على فشل النظام الغذائي الحالي!


المخبوزات الزائدة


ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى شركة توست أيل (Toast Ale) البريطانيّة، والتي تستبدل الشعير بفائض الخبز من المخابز والمطاعم لصناعة البيرة، حيث  يتم إستخدام شريحة واحدة تقريباً من الخبز لكل نصف ليتر من البيرة. هذه الخطوة لا تقلل فقط من النفايات الغذائيّة، بل أيضاً تساهم في التقليل من الطلب على الشعير ما يعني توفير أراضٍ زراعية ومياه وطاقة، بالإضافة إلى تقليل الأثر البيئي للزراعة التي باتت بفضل الإبتكارات البشريّة التي تعزز غلة المحاصيل تحمل معها مشاكل بيئية متعددة، مثل تلوث التربة والمياه الجوفيّة بالمبيدات والأسمدة الكيميائية. وإذا كنتم ترغبون بمعرفة تفاصيل أكثر، يمكنكم بتنزيل وصفة البيرة الخاصة بالشركة!


لكن الخبز ليس وحده المنتج الذي يمكن إدخاله في صناعة المشروبات الروحية، فقد قامت شركة مسادفنتشر آند كو (Misadventure & Co) الأميركية بإدخال الكعك والكرواسون والكب كيك والبسكويت وغيرها من المخبوزات في صناعة الفودكا.


... وأطعمة أخرى


مصل اللبن (السائل المتبقي بعد تخثر الحليب وتصفيته) دخل أيضاً في هذه الصناعة بفضل شركة هارتشورن دستلري (Hartshorn Distillery) الأسترالية التي إستخدمت هذا المكون في صناعة الفودكا والويسكي والجِن Gyn. يدير ريان هارتشورن وعائلته مزرعة أغنام لصناعة الجبن، وقضى رايان وقتاً طويلاً يبحث عن تقنية لإستخراج سكريات أساسية من التركيبة المعقدة مصل اللبن الذي ينتج خلال عملية صنع الجبن، والتي يمكن تخميرها إلى كحول ثم تقطيرها.


يضاف إلى قائمة المكونات غير الإعتيادية سكر الحليب غير المستخدم (المعروف بإسم "milk permeate")، والذي يتم تلفه من قبل المزارعين حول العالم، وهذه عملية مكلفة إذا تم القيام بها وفقاً لمعايير تضمن الأمان. لذلك، قامت شركة دايري دستلري (Dairy Distillery) الكندية وبالتعاون مع جامعة أوتاوا بإبتكار خميرة تتغذى على اللاكتوز. هذه الخميرة تضاف إلى سكر الحليب غير المستخدم لإنتاج فودكا فريدة وخالية من الغلوتين.


لكن يبقى ثمة سؤال حيال مصير فضلات الطعام، خصوصا وأن عدم إتلافها كنوع من القمامة يومض بصيص أمل في النفوس، ولكن ألم يكن من الأجدى إستخدام فضلات الطعام هذه لسد رمق الفقراء والجياع، بدلاً من ملء بطون المتخمين؟

مشروبات كحولية من فضلات الطعام... سد رمق الفقراء أم ملء بطون المتخمين؟! 1