في الجزء الثاني من هذا المقال حول فول الصويا، نتناول دراسات حول فول الصويا وأمراض القلب، كذلك الدراسات المتعلقة بـ "الهبات (الومضات) الساخنة" Hotflashes خلال سن الأمل، للمهتمين بقراءة الجزء الأول، على هذا الرابط "هنا".
أولا: أمراض القلب
احتل بروتين الصويا مركز الصدارة، خصوصا بعد أن أظهرت الأبحاث أنه قد يخفض مستويات الكوليسترول الضار، أظهر التحليل التلوي meta-analysis (معلومات مستقاة من عدد من الدراسات العلمية) لعام 1995 لـ 38 تجربة إكلينيكية مضبوطة أن تناول ما يقرب من 50 غرامًا من بروتين الصويا يوميًا (وهي تعادل رطل واحد -454 غراما_ من التوفو أو ثمانية أكواب سعة 8 أوقيات من حليب الصويا!) بدلاً من البروتين الحيواني، قد خفضت الكوليسترول الضار LDL بنسبة 12.9 بالمئة، وأن هذه التخفيضات، إذا استمرت مع مرور الوقت، يمكن أن تعني انخفاضًا بنسبة 20 بالمئة في خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية أو غيرها من أمراض القلب والأوعية الدموية. استجابةً لهذه النتيجة، سمحت إدارة الغذاء والدواء (FDA) في عام 1999 للشركات بأن تضيف بأن الأنظمة الغذائية منخفضة الدهون المشبعة والكوليسترول التي تحتوي أيضًا على فول الصويا "قد تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب".
ومع ذلك، فقد أضعف عدد من الدراسات منذ ذلك الحين هذه النتيجة، فوفقًا لتحديث شامل لبحوث الصويا من قبل لجنة التغذية التابعة لجمعية القلب الأميركية (AHA) التي نُشرت في عام 2000، فإن تناول 50 جرامًا من فول الصويا يوميًا خفض LDL بنحو 3 بالمئة فقط، وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2017، بعد مراجعة دراسات علمية إضافية منذ التصريح بالادعاء الصحي، اقترحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية قاعدة لإلغاء هذا الادعاء لأن العديد من الدراسات قدمت نتائج غير متسقة حول العلاقة بين بروتين الصويا وأمراض القلب، قد تكون بعض هذه التناقضات ناتجة عن مقارنة فول الصويا بمجموعة متنوعة من الأطعمة البديلة.
على الرغم من أن بروتين الصويا قد يكون له تأثير مباشر بسيط على الكولسترول، إلا أن فول الصويا قد يفيد القلب بطرق أخرى. وجدت دراسة وبائية بعد ثلاث مجموعات كبيرة من الرجال والنساء الأميريكين الذين لم يكونوا مصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية في بداية الدراسة، أن أولئك الذين تناولوا كميات أكبر من التوفو والأيسوفلافون من أطعمة الصويا، مقارنة بأولئك الذين تناولوا أقل، فإن 18 بالمئة و 13 بالمئة أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب على التوالي. كما كانت فائدة التوفو أقوى لدى النساء في فترة ما قبل انقطاع الطمث والنساء بعد انقطاع الطمث اللائي لا يستخدمن العلاج بالهرمونات.
تعتبر أطعمة الصويا مفيدة بشكل عام للقلب والأوعية الدموية لأنها توفر الدهون المتعددة غير المشبعة والألياف والفيتامينات والمعادن، كما أنها منخفضة الدهون المشبعة. ارتبط استبدال اللحوم الحمراء بالبروتينات النباتية بما في ذلك أطعمة الصويا والفاصوليا والمكسرات بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 14 بالمئة، كما وجد في دراسة متابعة خبراء الصحة، وهي دراسة وبائية طويلة الأمد لأكثر من 43 ألف رجل، كما وجدت مجموعة كبيرة أخرى من أكثر من نصف مليون من البالغين الصينيين الذين لم يسبق لهم الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أن أولئك الذين تناولوا كميات كبيرة من فول الصويا (أكثر من 4 أيام في الأسبوع) مقارنة مع أولئك الذين لم يتناولوا فول الصويا أبدًا لديهم خطر أقل بنسبة 25 بالمئة للوفاة من السكتة القلبية
ثانيا: الهبات الساخنة
يستخدم العلاج بالهرمونات البديلة تقليديًا كعلاج فعال للهبات الساخنة وغيرها من الأعراض غير السارة المصاحبة لانقطاع الطمث، ولكن استخدامه على المدى الطويل أثار مخاوفا من زيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض بما في ذلك سرطان الثدي والسكتة الدماغية، كان فول الصويا علاجًا بديلاً شائعًا ولكن لا تدعمه الأبحاث بشكل واضح؛ من الناحية النظرية، يمكن للتأثيرات الإستروجينية المحتملة لأيسوفلافون الصويا أن تساعد في ترويض الهبات الساخنة من خلال إعطاء دفعة شبيهة بالإستروجين خلال فترة انخفاض مستويات هرمون الاستروجين.
في العديد من بلدان شرق آسيا حيث يتم تناول فول الصويا يوميًا، تنخفض معدلات أعراض انقطاع الطمث لدى النساء، على الرغم من أن الأبحاث متضاربة حول ما إذا كان فول الصويا هو المساهم الأساسي. تشير التقارير إلى أن حوالي 70-80 بالمئة من النساء في الولايات المتحدة في سن اليأس وفترة ما حول سن اليأس يعانين من الهبات الساخنة، مقارنة بنسبة 10-20٪ من نساء الشرق الأقصى. [9] علاوة على ذلك، فإن متوسط تركيز الايزوفلافون جينيستين في الدم لدى النساء الآسيويات اللائي يستهلكن الصويا بانتظام يزيد بحوالي 12 مرة عن مثيله لدى النساء في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن العديد من التحليلات التلوية والدراسات السريرية المضبوطة بعناية لم تجد دليلاً قوياً على وجود صلة، خلصت مراجعة AHA في عام 2006 إلى أنه من غير المحتمل أن تمارس الايسوفلافون الصويا نشاط استروجين كافٍ ليكون لها تأثير مهم على الهبات الساخنة وأعراض انقطاع الطمث الأخرى. وجدت مراجعة JAMA في نفس العام نتائج متضاربة للغاية مع مستخلصات الايسوفلافون الصويا وذكرت أن الدليل العام لا يدعم فائدتها في تخفيف الهبات الساخنة.
في مراجعة أخرى لـ 43 تجربة، تم اختبار تأثيرات الاستروجين النباتي على الهبات الساخنة والتعرق الليلي لدى النساء في فترة ما قبل وبعد انقطاع الطمث، وجدت أربع تجارب أن المستخلصات التي تحتوي على 30 ملغ أو أكثر من الجينيستينgenistein (أحد المواد الفعالة المستخلصة من فول الصويا) تقلل باستمرار من تواتر الهبات الساخنة، اقترحت التجارب الأخرى التي استخدمت مستخلصات الصويا أو الصويا الغذائية انخفاض وتيرة وشدة الهبات الساخنة والتعرق الليلي عند مقارنتها بالدواء الوهمي، لكن هذه التجارب كانت صغيرة مع احتمال تأثير الدواء الوهمي القويPlacebo ، ولم يلاحظ أي آثار ضارة من علاجات الصويا عند متابعتها لمدة تصل إلى عامين، لكن المؤلفين لم يشعروا بشكل عام بوجود دليل قوي وثابت على فائدة فول الصويا.
وجد تحليل تلوي آخر لـ 16 دراسة، وجد أن مكملات ايسوفلافون الصويا لها تأثير صغير وتدريجي في إضعاف الهبات الساخنة لانقطاع الطمث مقارنة بالإستراديول (الإستروجين البشري)، ومع ذلك، لاحظ المؤلفون نقاط ضعف في التحليل بسبب قلة عدد المشاركين والتنوع الكبير في تصميم الدراسة.
وقد وجدت مراجعة أحدث للتجارب العشوائية أن بعض الدراسات أظهرت فائدة مكملات الصويا في الهبات الساخنة. بجرعة علاجية تتراوح بين 40-70 مغم من الايسوفلافون يومياً، لاحظ المؤلفون أيضًا أن وجود الإيسوفلافون (مادة واقية مصنوعة من تحلل الايسوفلافون الذي يمكن لبعض النساء فقط إنتاجه) قد يكون ضروريًا للإيسوفلافون لتقليل الهبات الساخنة بشكل فعال. على الرغم من هذه النتائج، لم يقدم مؤلفو الدراسة استنتاجًا واثقًا بشأن استخدام مكملات الايسوفلافون بسبب الاختلافات في تصميم الدراسة وطولها؛ الاختلافات في أنواع وجرعات المكملات، فضلا عن صغر حجم العينة وارتفاع معدلات التسرب (الإنسحاب من التجربة).
الخلاصة، في هذا المجال، تحتاج هذه الحالات في مجال الهبات الساخنة وتأثير فول الصويا عليها، إلى مزيد من البحث حيث تظل الأسئلة حول الفائدة المحتملة لفول الصويا. كما وأن النتائج متضاربة، ربما بسبب الاختلاف في أنواع مستحضرات الصويا المستخدمة والكميات المعطاة ومدة استخدامها.
نشر هذا المقال بتاريخ 30 كانون الثاني (يناير) 2022، المقال السابق بتاريخ 24 كانون الثاني (يناير) 2022
إقرأ في الجزء الثالث الأبحاث المتعلقة بفول الصويا والأمراض: سرطان الثدي وسرطان البروستات.
بتصرف عن هارفارد تشان للصحة العامة Harvard T.H. Chan School of Public Health