info@zawayamedia.com
لبنان

ثلوج كانون... وجائحة السلطة!

ثلوج كانون... وجائحة السلطة!


لم نعرف حدثا جميلا منذ أعوام طويلة، فيما لا نزال نتنقل من أزمة إلى أخرى، جوعا وفقرا، وأيضا جائحة ثقيلة، يمكن أن نضيفها إلى جائحة السلطة ونحن نشهد أخطر تفش للفساد والسرقة والمحاصصة، لكن، وكي نكون مطمئني البال نقول إن الثلوج وحدها بعثت في القلوب دفئا وطمأنينة وسلاما، فأبت الطبيعة إلا أن "تفلش" الأبيض على قمم الجبال، بينما ضنت السلطة علينا بفسحة بيضاء، وأبت إلا أن نظل عالقين بين أسْوَدِ المواقف وحلكة المرحلة.


وحدها الثلوج غمرت الأرض العطشى بأسباب الحياة، ومنحتنا نحن الناس البسطاء بعضا من أمل، بينما سُدّت في وجوهنا منافذ الحياة كمواطنين لنا الحق في أن نكون متسلحين بحفنة رجاء، راهنا وغدا، والطبيعة ليست نظاماً سياسيا ولا دساتير وقوانين وضعية، هي المجال الأنقى وسط وَحْلِ أيامنا المتسخة بالسياسة وأغراضها ومكائدها وقوانينها المتفلتة من قيم ومناقب، الطبيعة تعطي دون مِنّة، والسياسة تأخذ وتريدنا أن نصغِّر أكتافنا على أبواب الزعماء، قديمهم وحديثي النعمة، نيابةً ووزارة وأصحاب سلطة ومتسلطين.


سنوات مرت شبعنا فيها مواقف ومناكفات، وخلافات على وزارات، أو على بعضها، أي تلك التي تأتي لفريق ما، بسمسرات تقدر بالملايين، وهذه "عطايا" لا يشملها قانون ولا تقع تحت سلطة أي رقابة، وإلا كيف نفسر أن جل من جاءوا إلى مواقع المسؤولية لا يملكون إلا ما يسد الرمق، باتوا فجأة أثرياء، وبالعلن، ولا من يجرؤ ويسأل من أين لك هذا وذاك وذينك وتينك وذياك؟ هي مفسدة السلطة تنخر في عظم الدولة وتنهش ما بقي من لحمها، والفساد صنيعة نظام تقاسمته الطوائف، نظام غدونا معه مجرد أرقام وأتباع، لا مواطنين لنا حقوق وعلينا واجبات.


ثلوج كانون مجتمعة غير قادرة على تطهير الأرض من أدران السياسة، لا التي تساقطت، ولا تلك القادمة والمنتظَرة أيضا، لكنها صنعت ما عجز عنه الآخرون، فأمدتنا بتفاؤل صادق، وكأنها تريدنا أقوياء قادرين أن نواجه ما استبد في بنيان هذا الوطن من فوضى وتلويث وهدر كرامات، وأن الظلام ليس قدرا، بشفاعة نصاعتها، بيضاء كقلب طفل وصفاء سريرته.


نتسلح بثلوج كانون وحدها، ونثق بما باحت لنا صراحة على الذرى والتلال والمنحدرات، رداء أبيض لا يحتمل أن يُلطخ برماد المواقف ومصالح تهدد الدولة وقد تذهب بهيبتها أدراج الرياح!

أنور عقل ضو

أنور عقل ضو

رئيس التحرير