على كل القوى السياسية مراجعة مواقفها، من اليمين إلى السيار والوسط، من مختلف الطوائف والمذاهب والمناطق، ومن سائر التوجهات السياسية الحاملة أسباب الأزمات والكوارث قديمها والجديد والمستجد، وإلا فلن يكتب لها أن تعيش مرة جديدة في حاضرةِ التعصب والإنتماءات الضيقة.
السلطة سقطت ولو ظلت قائمة لأمد طويل، والسلطة أيضا في موت سريري وتتنفس عبر مضخات أوكسيجين الطوائف، فيما ثورة 17 تشرين في عامها الأول رسخت سقوط دولة الطوائف وعرَّتها من ورقة التين، فبدت موبقاتها واضحة من الفساد إلى الفاسدين والمفسدين، ولن تقوم لها قائمة ولو اعتقلت لبنان بزيف توجهاتها وعفن تحاصصاتها، والثورة مسار طويل لا يقاس بسنة أو عشر سنوات، وهذا المسار محفوف بالمخاطر والمنزلقات، وهذا حال كل الثورات في العالم، دائما ثمة كبوات تعقبها إنجازات.
كل الأحزاب الطائفية مأزومة، وهي تفقد بعضا من جماهيرها تباعا، فالإذلال واحد من المصارف إلى الأفران ومحطات المحروقات، فيما القضاء عجز حتى الساعة عن تقديم فاسد واحد للمحاكمة، ولم تفض التحقيقات إلى الآن لمعرفة من المسؤول عن تفجير مرفأ بيروت، ولا تزال السلطة تمارس غيِّها وتسعى لتجديد حضورها عبر أدوات لم تعد تجدي في تشكيل الحكومات، وتستخدم "سلاح" الماضي إياه في مواجهة الحاضر المتغير.
نعيش اليوم تداعيات هذا السقوط، سلطة مرتبكة خائفة، فقدت أهليتها التمثيلية، وصار لزاما أن ترحل وسترحل!