أصدرت محكمة فرنسية حكما على بنك لبناني بدفع 2.8 مليون دولار لعميلة تقيم في فرنسا، في أول حكم دولي معروف ضد القيود غير الرسمية على رأس المال التي فرضتها البنوك اللبنانية منذ 2019.
ويأمر الحكم، الصادر في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) ولم يُنشر بعد وإن كانت رويترز قد اطَلعت عليه، بنك سرادار اللبناني بأن يدفع للمدعية السورية كل الأموال التي أودعتها في حسابين بالبنك عام 2014.
وقال بنك سرادار في بيان مكتوب تلقته رويترز إنه سيطعن على الحكم الذي وصفه بأنه ناجم عن تطبيق خاطئ للقانون اللبناني.
وكان النظام المالي اللبناني قد انهار في 2019 بعد سنوات من السياسات المالية غير المستدامة، وفرضت البنوك ضوابط مشددة على حسابات العملاء بينها حظر فعلي على سحب الودائع بالدولار وتحديد سقف للسحب بالعملة المحلية.
ولم يتم إضفاء الطابع الرسمي على هذه الضوابط عبر تشريعات وتم الطعن عليها أمام محاكم محلية ودولية من مودعين حاولوا استعادة أموالهم على الفور بالعملة الصعبة بدلا من الليرة اللبنانية التي فقدت أكثر من 90 بالمئة من قيمتها خلال عامين.
وفشلت مرارا محاولات إضفاء الطابع الرسمي على تلك القيود بما في ذلك من خلال لجنة برلمانية في الأسبوع الماضي، وسط معارضة مجموعات تمثل حقوق المودعين تقول إن مشروع القانون سوف يحصن البنوك من الملاحقة القضائية بينما لن يتيح للناس الوصول لأموالهم.
وقال محاميا المودعة، ندى عبد الساتر وجاك ألكسندر جينيه، في تصريحات مشتركة مكتوبة لرويترز "هذا الحكم يعني أن من حق المودعين اللبنانيين بوضوح اللجوء لمحاكم دولية، وبينما تختلف كل قضية عن الأخرى، فهي خطوة مشجعة لعدد من المطالبات التي تمتد من أوروبا إلى الخليج والولايات المتحدة".
وطلبا حجب اسم المدعية لمخاوف تتعلق بالخصوصية. وتمثل ندى عبد الساتر عدة عملاء في قضايا مماثلة عبر ثلاث قارات وقالت إن محاكم بريطانية قبلت في الآونة الأخيرة ثلاث قضايا رفعها مودعون ضد بنوك لبنانية.
ودفع بنك سرادار بأن القضية المرفوعة في فرنسا يجب أن تنظرها محكمة لبنانية، لكن المحكمة الفرنسية قالت إنها مختصة لأن المدعية قد اتصل بها موظفو البنك ووقعت عقودا في باريس ومقيمة في فرنسا لفترة طويلة، ويتحضر لاستئناف الحُكم القضائي الصادر بحقّه في فرنسا، في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والذي يُجبره على ردّ الوديعة، ويتجه المصرف للاستئناف لئلا تكون هذه الدعوى سابقة تجبره على تسديد ودائع زبائن آخرين يقيمون في أوروبا ويعتزمون مقاضاته، علماً أنه لا يملك أصلاً السيولة الكافية، كما كل المصارف، لردّ ودائع الزبائن.
وكانت المجلة الاقتصادية الأسبوعية الفرنسية "شالينجز" (Challenges)، نشرت في التاسع من الجاري، تقريراً يشير إلى محاولة "سرادار" إقناع الغرفة التاسعة في المحكمة المتخصّصة بالقضايا المصرفية "بأن الدعوى من اختصاص القضاء اللبناني، بحجة عدم وجود مركز أو فرع أو مكتب في فرنسا. ولكن بالنسبة إلى المحكمة الفرنسية، فإنّ فتح حسابَي السيدة م. حصل في باريس... وموظفو المصارف التجاريون يسافرون مرّات عدّة سنوياً إلى فرنسا لاستكمال الإجراءات اللازمة مع العملاء المحليين".
وبحسب المعلومات فإنّ القرار القضائي الصادر ضد "سرادار" تحوّل عامل قلق عند بقية المصارف لأنه يُمثّل سابقة ستشجّع زبائن آخرين مُقيمين في الخارج على رفع دعاوى قضائية قد يفوزون بها. علماً أن هناك دعاوى مرفوعة ضدّ "بلوم" و"سوسييتيه جنرال" وأكثر من عشر دعاوى أخرى، بدأ القضاء البريطاني والأوروبي يتعامل معها بوصفه صاحب الصلاحية للنظر فيها.
لذلك، حاولت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تمرير اقتراح قانون للضوابط على السحوبات والتحويلات (كابيتال كونترول) يؤمّن الحماية للمصارف من الملاحقة القانونية في لبنان والخارج. وفي هذا الإطار، وتؤكّد مصادر ديبلوماسية غربية أنّ صندوق النقد الدولي سجّل اعتراضه على المادة الثامنة من اقتراح قانون "الكابيتال كونترول"، مؤكداً أنها لن تمرّ (نصّت على "أنّ أحكام هذا القانون استثنائية، ومن النظام العام، وتطغى على كل نصّ يتعارض معها، وتطبّق فوراً بما في ذلك على التحاويل التي لم تنفّذ بعد، كما تطبّق على الدعاوى والمنازعات في الداخل والخارج التي لم يصدر فيها حكم مبرم وغير قابل لأي طريق من طرق المراجعة وذلك خلال مدّة نفاذه").
عن يورونيور، آخر الأخبار بتصرف