info@zawayamedia.com
بيئة

قطع شجرة الفيكوس الأيقونة في باحة قصر العدل... فضيحة بيئية ووطنية!

قطع شجرة الفيكوس الأيقونة في باحة قصر العدل... فضيحة بيئية ووطنية!

شجرة الفيكوس في ساحة قصر العدل هي شجرة أيقونية ليس في هذا الموقع فحسب بل في كل لبنان، فهي واحدة من ثلاث شجرات معمرة في لبنان، وقد طاول القطع الجائرة شجرة قصر العدل القطع الجائر وبصورة وحشية، في فضيحة بيئية ووطنية، ما دعا محامون بداية للدفاع عنها بشكل مباشر يوم السبت الماضي 11/12/2021، ليمنعوا الضرر الكبير الذي طاولها، ونتيجة لذلك تم التعرض لهم، وإهانتهم، ليتم وقف الأعمال بعد هذا الإشكال، ولكن بعد أن تم اقتطاع أجزاء كبيرة منها وبصورة جائرة للغاية، ليتقدم بعدها خمسة محامين بإخبار لدى النيابة العامة بحق المخالفين.


ويتذكر من كانوا يؤمون قصر العدل في بيروت إبان الحرب الأهلية أن هذه الشجرة من نوع Ficus religiosa كانت تظلل جلسات ومناقشات وندوات ومحاضرات المحامين، وهي تمثل جزءا من ذاكرة المكان ومن تاريخ بيروت وعراقتها، وأن هذا النوع من الأشجار الفريدة من نوعها، تتربع أحدها في إحدى ساحات الجامعة الأميركية في بيروت والثانية في جسر الباشا، تم منع قطعها لإقامة بناء، وباتت معلما فريدا، تغلب فيه الحس الهندسي السليم، إذ تم تغيير خطط المبنى لإبقاء هذه الشجرة الأيقونية، بينما جرى تشويهها بالفؤوس والمناشير بصورة جائرة غير مقبولة في قصر العدل.


بيان من وزارة العدل


 وكان قد صدر عن المكتب الإعلامي في وزارة العدل بيانا، أنه "في ضوء ما تناولته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول حصول اعتداء على البيئة في محيط قصر العدل ببيروت وتوضيحا للحقائق التي تم تشويهها مع الأسف، وكون وزارة العدل هي الجهة المعنية من دون سواها بالعقار المملوك من الدولة والقائم عليه قصر العدل في بيروت مع الأشجار المغروسة في محيطه، أن وزارة العدل تقدمت بتاريخ 13/13/2021 من وزارة الزراعة بطلب إذن لتشذيب الأشجار في محيط مبنيي قصر عدل بيروت ووزارة العدل، وذلك نظرا إلى كثافة الأغصان المتدلية منها ويباس بعضها الأمر الذي يشكل خطورة على المارة والسيارات المركونة في محاذاتها، وتضمن الطلب ما حرفيته: نطلب من جانبكم تكليف من يلزم إجراء الكشف اللازم وإعطاء الإذن بالمباشرة بأعمال التشذيب والتقليم، علما أننا سنعمد إلى التواصل مع محافظة مدينة بيروت والدفاع المدني لتكليف اختصاصيين للقيام بهذه الأعمال وتأمين المعدات اللازمة لها نظرا إلى ضخامة تلك الأشجار وحفاظا على وجودها".


وقال البيان: "بالفعل، كلفت الجهات المعنية في وزارة الزراعة أحد حراس الأحراج في مركز أحراج منافذ بيروت لإجراء الكشف وتنظيم محضر بنتيجته، حيث تبين له وجود عدد من الأشجار الحرجية داخل حرم وزارة العدل بحاجة إلى تشحيل وعددها 73، وأخرى يتعين قطعها بسبب اليباس الذي أصابها وعددها 4".


أضاف البيان: "استنادا إلى المحضر المذكور، صدرت بتاريخ 6/5/2021 إجازة قطع وتشحيل أشجار حرجية بداعي الاستثمار عن وزارة الزراعة برقم 7/680 تنتهي صلاحيتها بتاريخ 21/12/2021. ووجه وزير العدل بتاريخ 5/10/2021 كتابا الى محافظ مدينة بيروت طلب فيه ما حرفيته: "الإيعاز لمن يلزم من أهل الإختصاص لدى البلدية أو من ترونه مناسبا إجراء الكشف والمباشرة بالأعمال المطلوبة بالسرعة الممكنة، خوفا من تكرار سقوط الأغصان والأشجار على السيارات والمارة وإفساح مجال الرؤية أمام الكاميرات الموجودة وللعناصر الأمنية المتواجدة في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة، كما تنظيف مجاري المياه لتسهيل إنسيابها ومنع تبركها، خصوصا أن أعمال التنظيفات في وزارة العدل متوقفة حاليا بالنسبة لتلك الأشغال"، وذلك إستنادا إلى الإجازة المشار اليها أعلاه، وتم تكليف من يلزم من فوج إطفاء بيروت للمباشرة بعملية التشحيل والقطع، وبدأ المعنيون تنفيذ المهمة السبت الواقع فيه 11/12/2021 كونه يوم عطلة رسمية، وذلك حفاظا على سلامة المواطنين، وفقا للشروط المنصوص عنها في الإجازة، وحضر بتاريخ اليوم رئيس مركز أحراج منافذ بيروت وكشف على أعمال التشحيل والقطع المنفذة حيث أفاد أنها تمت وفقا للأصول وبشكل مطابق للاجازة، وبأنه سيقوم بتنظيم محضر بنتيجة كشفه هذا يرفعه الى مديرية التنمية الريفية والثروات الطبيعية في وزارة الزراعة، على أن يصار إلى إبلاغنا صورة عنه وفقا للأصول".


وختم: "في ضوء مجمل ما تقدم، تهيب وزارة العدل بجميع المعنيين توخي الدقة والحذر والاستفسار من المرجع الوحيد المعني بالمسألة الحاضرة، قبل إطلاق المواقف والتحليلات حتى لا تدخل في خانة المزايدات، لا سيما أن حرص وزارة العدل على البيئة بعناصرها كافة لم ولن يكون موضع تساؤل أو اختبار. هذا ما اقتضى بيانه".


إخبار من محامين


 


وقد تقدم المحامون الأساتذة حبيب رزق وطانيوس حنين ورامي عيتاني وميلاد الأبرش وسنا الرافعي بإخبار بحق مجهول لدى مدعي عام التمييز في بيروت القاضي غسان عويدات ، وكل من يظهره التحقيق فاعلأ او شريكا أو محرضا أو متدخلا بموضوع قطع الأشجار المعمرة داخل الباحة الخارجية لقصر العدل، في بيروت دون الإستحصال على الرخص المطلوبة وفق الأصول سندا لقانون البيئة رقم ٢٠٠٢/٤٤٤ وقانون حماية المناظر والمواقع الطبيعية في لبنان تاريخ ١٩٣٩/٧/٨ ولقرار وزير الزراعة رقم ٤٣٣/١ تاريخ ٢٠١٠/٨/٣٠ المتعلق بتنظيم قطع واستثمار الأحراج والغابات ومخالفة قانون الغابات رقم ١٩٢٦/٢٧٥ طالبين إحالة الفاعلين والمتورطين إلى المحاكم المختصة وإنزال أشد العقوبات بحقهم .


ووفقا للإخبار الذي قدمه المحامون مرفق نسخة منه، فإن الهدف من هذا القطع وبهذه الصورة الجائرة هو أن عناصر فوج إطفاء بيروت تسلحوا برخصة تشحيل الأشجار، لقطعها بهدف بيعها والمتاجرة بها، ولولا تدخل عدد من المحامين ومنهم نقيب المحامين ناضر كسبار، وأمين السر سعد الدين الخطيب وبعض المحامين الذين كانوا متواجدين حينها، لكان لم يبق أي شجرة من أشجار باحة قصر العدل.


وأكد المحامون في إخبارهم أن هذه الجريمة لم تكن موضوع استهجان واستنكار من قبل المحامين ومجلس النقابة والقضاة فحسب، بل من قبل الصحافة والجمعيات البيئية على حد سواء، الرافضين لأي اعتداء بحق الطبيعة والأشجار والموارد الطبيعية، وقد طالبوا بوضع حد لهذا الفلتان الناتج عن استهتار البعض بالقوانين البيئية تحت حجة عدم الملاحقة والمحاسبة، واعتبروا أنه لو كان هناك حكما قاسيا في قضية واحدة بجرائم مماثلة، فإن المجرمين سيرتدعون حكما، لأن للقانون هيبة، وهذا ما يطالب به موقعو الإخبار في القضية الحاضرة.


مواد قانونية


واستند مقدمو الإخبار إلى قوانين عدة، منها المادة الثالثة من قانون حماية البيئة رقم 44 بتاريخ 29/7/2002 الذي ينص على: " لكل إنسان الحق ببيئة سليمة ومستقرة، ومن واجب كل مواطن السهر على حماية البيئة وتأمين حاجات الأجيال الحالية من دون المساس بحقوق الأجيال المقبلة"، والمادة الرابعة من القانون عينه الذي ينص على في إطار حماية البيئة على كل شخص طبيعي أو معنوي، عام أو خاص أن يلتزم بعدة مبادىء أساسية، منها مبدأ  تفادي تدهور الموارد الطبيعية، الذي يقضي بأن "تتفادى كل النشاطات التسبب بأي أضرار غير قابلة للتصحيح للموارد الطبيعية كالماء والهواء والتربة والغابات والبحر والأنهر وغيرها".


كما ونصت المادة 144 من قانون الغابات الصادر بتاريخ 7/1/1949 كل من يقطع او يقلع خلافا لاحكام هذا القانون اشجارا يزيد محيطها عن عشرين سنتيمترا على علو متر فوق الارض يعاقب بالغرامة من ... عن كل شجرة مقطوعة او مقلوعة حسب ضخامتها وتحسب الغرامة بنسبة وزن الشجرة المقطوعة او المقلوعة اذا كان محيطها يقل عن عشرين سنتيمترا بمعدل ... عن كل كيلو ويمكن أن يحكم بالسجن من 10 أيام إلى ستة أشهر".


أما القانون الصادر في 8/ 7/ 1939 المتعلق بحماية المناظر الطبيعية، فقد نص على ما يأتي: "تعد بمنزلة مناظر ومواقع طبيعية، جميع الأراضي أو العقارات والأشجار وفئات الأشجار المنفردة التي يستصوب حفظها بالنظر إلى عمرها أو جمالها أو قيمتها التاريخية، وبعد قيد الأراضي في لائحة الجرد العام للمواقع الطبيعية، فإن المالك لا يستطيع أن يباشر في أرضه أي تغيير في العقار المقيد أو في جزء من هذا العقار. وعليه الإمتناع عن كل عمل من شأنه أن يغيّر الهيئة العامة أو المواقع الطبيعية أو يفسد أو ينقص من أهميتها السياحية"، وهذا القانون الأخير، يطبق على جميع المناظر والمواقع الطبيعية، أيا كان مالكها، سواء كان للدولة (مثل وضع القضية الحاضرة) أو لجماعات أو لطوائف أو لأوقاف أو لأشخاص معنويين أو حقيقيين إلخ..."


ورأى المحامون أن على اي شخص الإمتناع عن قطع أي شجرة أو تشذيبها أو تشحيلها قبل أن يبلغ قصده لوزير الإقتصاد الوطني لتوضيح التغييرات أو الأعمال التي ينوي القيام بها وإلا تعرض للغرامة بدعوى العطل والضرر.


كما وأن القرار الصادر عن وزير الزراعة والذي يحمل الرقم 1/433 بتاريخ 30/8/2020 والمتعلق بتنظيم قطع واستثمار الأحراج والغابات، قد حدد شروط تشحيل وتشذيب الأشجار ومنع قطعها بالمطلق، كما منع منعا باتا قطع الأشجار المعمرة والنادرة.


وطالب المحامون إحالة الإخبار إلى المراجع المختصة، لإجراء التحقيقات اللازمة، وإحالة الفاعلين والمتورطين والمرتكبين والمشتركين والمتواطئين موقوفين إلى المحكمة الجزائية المختصة لإنزال أشد العقوبات بحقهم بما فيها إلزامهم بالغرامة بما يتناسب مع حجم وفظاعة الجريمة التي ارتكبوها.


ومن موقعنا "زوايا ميديا"، نضع التفاصيل الهامة المذكورة أعلاه، برسم المواطنين وأصحاب الإختصاص، للإطلاع وأخذ الإجراءات المطلوبة، فضلا عن التوعية على أهمية هذه الثروة الطبيعية من الأشجار المعمرة، والتي تمتد إليها أيدي الغدر يوميا، وضرورة الإبلاغ عن المخالفات التي تطاولها، ومن جهة ثانية، الحزم في التعامل مع هذه المخالفات، بحيث يرتدع كل من تسوّل له نفسه قطع أي شجرة معمرة، بحيث تكون العقوبة "مؤلمة" و"رادعة" له ولغيره!


 




قطع شجرة الفيكوس الأيقونة في باحة قصر العدل... فضيحة بيئية ووطنية! 1 قطع شجرة الفيكوس الأيقونة في باحة قصر العدل... فضيحة بيئية ووطنية! 1 قطع شجرة الفيكوس الأيقونة في باحة قصر العدل... فضيحة بيئية ووطنية! 1 قطع شجرة الفيكوس الأيقونة في باحة قصر العدل... فضيحة بيئية ووطنية! 1 قطع شجرة الفيكوس الأيقونة في باحة قصر العدل... فضيحة بيئية ووطنية! 1
سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: