في أقسام الانعاش في باريس ولندن أو نيويورك خلال جائحة كورونا، كان يطرح سؤال باستمرار: لماذا يبدو أن فيروس كورونا المستجد COVID19 يستهدف شريحة الرجال الذين يعانون من السمنة أكثر من غيرهم؟ لكن من دون أجوبة واضحة.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن باحثين من جامعة ستانفورد الأميركية كشفوا أن فيروس كورونا يصيب خلايا دهنية وأخرى مناعية موجودة في دهون الجسم، وعندما تحدث هذه العدوى فإنها تؤدي إلى مضاعفات أكثر ضرراً مقارنة بإصابة شخص لا يعاني السمنة بكورونا، وهو ما يعني أن الشخص البدين معرض بشكل أكبر لمخاطر الفيروس حتى وإن كان لا يعاني أي مرض مرتبط بالسمنة.
وأوضح الباحثون أن الشخص الذي يعاني البدانة يكون أكثر عرضة لأن يخسر حياته بسبب الفيروس، لأنه يعاني مضاعفات أشد عندما يصاب بكورونا، وأبدى الباحث فيليب شيرر من جامعة جنوب غرب تكساس الطبية، دهشته إزاء قدرة فيروس كورونا على إصابة الخلايا الدهنية في الجسم، وأضاف: "كل ما يحدث في الدهون لا يظل حبيس الدهون، بل يؤثر على الأنسجة المجاورة".
ولم تنشر هذه الدراسة بشكل نهائي حتى الآن، لكنها عرضت على الإنترنت بشكل أولي، وفي حال تأكد ما توصلت إليه فإن الطب سيفهم لماذا يصاب بعض الشباب بأعراض شديدة من جراء كورونا، علما أنهم لا يعانون أمراضا محددة، في حين أن السبب هو السمنة على الأرجح، بحسب "سكاي نيوز عربية".
وتقول الباحثتان في كلية الطب التابعة لجامعة ستانفورد، تريسي ماكلولين وكاثرين بليش، وهما كبيرتا محرري الدراسة، إن النتائج قد ترشد العلماء إلى إيجاد أدوية تستهدف دهون الجسم.
ويشرح فيشوا ديب ديكزيت أستاذ الطب المقارن وعلم المناعة في مدرسة الطب بجامعة "يال" الأمريكية، أن الدهون ربما تكون النقطة التي يستغلها فيروس كورونا حتى ينجو من الحماية الناجمة عن الاستجابة المناعية، لأنه "يختبئ في هذا المكان"، أي في الدهون.
وتشكل هذه الدراسة كشفا مهما في الولايات المتحدة، لأن سكان البلاد من الأكثر بدانة في العالم، حيث يعاني أغلب الأمريكيين الوزن الزائد، وتشير بيانات الصحة في الولايات المتحدة إلى أن 42 بالمئة من الأميركيين يعانون البدانة، فيما تعد البلاد من بين الأكثر تأثرا بوباء كورونا.
وكان الاعتقاد السابق في الطب هو أن دهون الجسم غير نشطة، أي أنها مخزنة وزائدة فقط، لكن العلماء باتوا يعرفون اليوم أن هذا النسيج نشط فسيولوجيا، كما أنه ينتج هرمونات وبروتينات مناعية تؤثر على خلايا أخرى، وهو ما يؤدي إلى إحداث التهابات محدودة، حتى في حالة عدم وجود عدوى.
ويحدث الالتهاب عندما يستجيب جسم الإنسان لما يعتبره عنصرا دخيلا كالعدوى، وربما تكون الاستجابة أكثر ضررا من الطفيل في بعض الأحيان، وتوضح الباحثة ماكلولين أنه كلما زادت كتلة الدهون لدى الإنسان ساءت استجابة للالتهابات في الجسم، لا سيما عندما تكثر الشحوم في منطقة البطن فتحيط بالأعضاء الداخلية.