لا تعرف الحيوانات والطيور البرية الحدود الإصطناعية التي يرسمها القانون الدولي أو البشر، غير عابئة لا بالقيود ولا حدود الدول أو الأراضي، فمداها السماء وهي مواطن عالمي تتبع حدسها الفطري الذي خلقت عليه، بهدف التكاثر والغذاء، لذا تتجول بين الدول المجاورة لبعضها البعض، لكنها لا تعرف أن هناك من يقف لها بالمرصاد، ويصطادها وبدون حساب، وبأساليب جائرة، وبأعداد كبيرة دون هوادة، فالصور المستفزة من سوريا التي شارك بها موقعنا "زوايا ميديا" أحد الناشطين صادمة للغاية، لدرجة أننا نناشد إخوتنا السوريين أن يتابعوا هذا الأمر، وبأسرع وقت، كون هذه الجريمة ليست الوحيدة، بل تتكرر مجازر الصيد الجائر في مختلف مناطق وسهول وأراضي الشقيقة سوريا، مهددة التنوع البيولوجي، والتوازن البيئي ما يمكن أن يؤدي لنتائج كارثية على قطاع الزراعة في البلدين، خصوصا وأن الطيور هي جزء لا يتجزأ من الدورة الغذائية البرية، وتساهم بالحماية من الآفات الزراعية المختلفة.
ووفقا للصور والفيديو التي نشرها أحد الأشخاص ع. م. على حسابه على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، فقد "تباهى" بصيده الكبير من طيور البط، كما وشوهد أحد طيور الفلامنغو معلقا على مقدمة السيارة، في استعراض لقدرة "جبارة" على اقتناص الطيور ومهما كان نوعها، علما أن طائر الفلامينغو محمي دوليا، ولا يؤكل.
وقال الناشط الذي رفض ذكر اسمه: "هذا ليس صيدا، بل مجزرة بكافة المقاييس، الصياد الحقيقي يصطاد حاجته، ويحترم الطبيعة وكائناتها، ولكن ما توثقه الصور التي يتناقلها البعض على مواقع التواصل الإجتماعي، هي مجازر وجرائم تحصل في لبنان وفي سوريا، وهي الثغرة التي يستخدم عدد كبير من الصيادين للتهرب من المحاسبة بالقانون في لبنان، وذلك بالإدعاء أن صور الصيد في سوريا، ولكن حان الوقت أن تتم محاسبة هؤلاء سواء هنا أو في سوريا، وإلا ستصبح مشاهدة بعض الطيور منظرا نادرا، علما أن أعداد الطيور التي كان الصيادون وغيرهم يشاهدونها قد تناقصت بصورة كبيرة"، وأضاف: "أصبح الوضع مأسويا بعدد الطيور لدرجة أن الكثير من الصيادين المسؤولين بدأوا بالإبلاغ عن هذه الأساليب الهمجية، التي تهدد رياضتهم، كما أن العديد منهم، أخذوا بتوثيق مشاهداتهم للطيور بتصويرها، وخصوصا في لبنان، بظل عدم فتح موسم الصيد".
وشارك موقعنا "زوايا ميديا" مع وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين بإحدى الصور، وأكد على متابعة الموضوع، والتواصل مع وزارة الداخلية والمعنيين لتشديد ضبط الحدود لجهة التشدد في موضوع رخص نقل السلاح.
من جهته أوضح رئيس مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام/المنسق الميداني للصيد المسؤول في SPNL أدونيس الخطيب لموقعنا "زوايا ميديا" أن: الصيد في سوريا ممنوع قانونيا، وهناك حالات كثيرة من الصيد الجائر، ولكن لا يمكننا ظلم كل الناس، فهناك صيادين مسؤولين، وبطريقة فطرية سليمة وأخلاقية سواء كمزارعين أو صيادين، ولكن المشكلة الرئيسية في تجار صيد الطرائد وخصوصا باستخدام الشبك، الذين يقتنصون أعدادا كبيرة من الطيور بطرق غير قانونية ولا مستدامة ويمررونها عبر الحدود للمتاجرة بها، ومن اكثر الطيور استهدافا بهذا النوع من الصيد غير القانوني عصفور التين، وهناك مشكلة أخرى، هي عند مكافحة الصيد الجائر في لبنان، وعندما يتم توثيق أي مخالفة، يتجه البعض إلى الإدعاء أن هذا الصيد تم عبر الحدود في سوريا، وأحيانا يكون هذا حقيقيا وأحيانا أخرى وسيلة للتهرب من العقوبة"، وأشار إلى أن "لا يمكن ضبط هذه المخالفات عبر تشديد مراقبة الحدود لجهة سلاح الصيد، فهؤلاء الصيادون لا يحملون اسلحة صيد عبر الحدود، بل يعتمد على معارف هناك، يؤمنون السلاح والمنامة وغيرها، وبوجود الأراضي والسهول الزراعية الواسعة، وليس من السهل مراقبتها، وقمنا بالإتصال بصيادين ومسؤولين لديهم علاقات مع أعضاء في مجلس الشعب في سوريا، وتم طرح هذه المسألة في بعض جلسات المجلس، ووعدنا بتنظيم هذا الملف وسنتابع هذا الأمر، ولكننا حتى الآن لا نعرف النتائج كون هذا الملف كبير للغاية".
"ورأينا كمركز وكجمعية، بأن التنظيم المخطط لهذا الملف هو الوسيلة الوحيدة للحد من الصيد الجائر، حيث يكون هناك مجالا للمراقبة أكثر، والتفريق بين الصياد المسؤول والقواس (الصياد غير المسؤول)، وضمن الأصول لمكافحة أساليب الصيد الجائر".
وختاما، المحافظة على البيئة العابرة للحدود وكائناتها ليست ترفا أو كماليات، بل هي محافظة على مستقبل واقتصاد الدول وفي كل أنحاء المعمورة، ولا سيما القطاعات الزراعية، وإذ نضع الصور المرفقة بعهدة المعنيين في لبنان وسوريا، لإجراء المقتضى القانوني، والمتابعة مع الجانب السوري، خصوصا وأن الصيد ممنوع في سوريا ولم يتم افتتاحه لهذا الموسم في لبنان، نتمنى المتابعة الحثيثة لوقف هذه المجازر.