عرب وعالم

القابلية للإستعمار والإستحمار... بين اللاهوت وفلسفة التسلط! – 2 –

القابلية للإستعمار والإستحمار... بين اللاهوت وفلسفة التسلط! – 2 –


نقدم في مـا يلي القسم الثاني والأخير من المقالة – الدراسة للكاتبة اللبنانية فاطمة مزيحم بعنوان: "القابلية للإستعمار بين اللاهوت وفلسفة التسلط".


... المحــــــــــــــــــــــور الثالــــث:


موقف الفيلسوف من الشعب اللبناني


قبل أن يمهد الفيلسوف لمسألة الوصاية الأممية صب جام غضبه على اللبنانيين "لا يقيمون وزنا للشراكة الحضارية الحق".


-"تصوراتهم ذاتية ذات أحكام خاصة"


-"يستقون بالخارج  عند كل منعطف تاريخي"


-الكف عن التكاذب/ التخادع / التغافل/ كفر الظاهر/ مفاعيل الباطنية/ استباحة كل النواميس/ افساد في الأرض/ المرافق/ رفض الانتظام العصري/ مثالية بهية/ انعباطات هشة/.


-اللبنانيون لايستطيعون انجاز الإصلاح.


هذه رؤية وموقف أستاذ الفلسفة حينما يتجاهل البنيوية المجتمعية ويغفل ان الإصلاح لا يكون الا من داخل البنية , وبلغة المنطيق " لا يستطيعون من الناحية المنطقية" ويعتبر هذا مصادرة على المطلوب، فأين دور علماء الاجتماع من السلم الأجتماعي "منافي ودستورهم وهياكل مؤسساتهم", ولم يكتف بذلك بل طالت مواقفه  البنى الذهنية الجوانية  الوجدانية.


إن هذا تغافل عن الثورة العقلانية، واطال المسألة للعواطف، وهنا تغافل اجتماعي عن التغيير بالثورة، لأن الثورة بنت الروح وتغافل هذه النقطة في اشعال الروح انما ينم بمنظومات القيم الخلقية, وهنا يتجاوز الفيلسوف "عالم الاجتماع" ويتغافل ابن خلدون فيقول عن اللبنانيين" نزاعات حادة/ لم يبصروا ما وراء". بل هو لم يمد بصره ما بعد السواحل اللبنانية ولم تمس بصيرته التهديدات الصهيونية على ارض الجنوب، ولم يراجع بصيرته سواء في الماضي حتى 2020 لغياب الإحساس التاريخي، ذاكرة الأمة المثقوبة، وحينما طالب  بتذكر "الرخاء الاقتصادي" فهل قام بمراجعة وضعية الأوضاع الاقتصادية اللبنانية في موانىء بيروت الي موانىء فرنسا نهبا وهدرا.


وعلى المستوى الفلسفي يتساءل عن " الحرية الفكرية" اليست االبنى الفكرية والتربوية والإعلامية والتعليم وعلماء الدين والشعراء والادباء كل مقصر في موقفه ومؤسسته عن النضال بالعلم والقيم؟


ويستمر الفيلسوف في تكريس مثالب اللبنانيين , هذا الشعب الذي ضحى ويضحي بفلذات أكباده، واصفا إياهم "ما استطاع اللبنانيون ان يخرجوا بتصور إصلاحي بنيوي/ عقلاني/ عادل/ واع/ قابل للأنجاز والفاعلية".


ولماذا نستشعر من الفليلسوف انه يتغافل عن إنجازات حققها اللبنانيون وادعى بأنهم " ليسوا متفقين على مؤتمر إصلاحي بنيوي/ اللبنانيون يتشاجرون/ لكل منهم حزب/ وقبيلة/ محاضن مذهبية/ يستجلبون الخارج للتدخل" , فماذا يعني استجلاب الوصاية الأممية؟!


"لأنه لا يقوى على حماية نفسه بنفسه"، وسنضطر هنا الي استخدام الفاظ غير لائقة، انه تعامي اخر عن طاولة الحوار والنقاش وعن انتصار حرب تموز ( الوعد الصادق) وذلك من جراء الاختلاف الحاد في ادراك المعاني" الاستقلال/ الانتماء/ السيادة/ الحرية/ هوية المعتدي/ اجماعهم الخفيف لا يجعلهم مقتنعين على وحدة السبيل الذي يتيح لهم مقاومة الاعتداء" " من اجل مقاومة الاعتداءات وردعهم, وتهذيبهم وردهم الي الصراط المستقيم, وليس عنف السلاح المقاوم" , هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تصور بها حضارة الاجماع الإنساني الكوني , بل انه حدد الهدف النهائي الذي يصب في معكسر اميركا والصهيونية, وفق ما طرحه عن المخرج والعلاج في الزمن الثقافي الراهن انها يا سادة  الوصاية الأممية التي تنطوي على تصورات قانونية  قاهرة  رادعة.


هذا هو منطق الفيلسوف تجاه أبناء شعبه ورؤيته في بناء الدولة, انه منطق تبريري براغماتي ذرائعي وظيفي, وينصح به "يمكن للمجتمعات الإنسانية ان تعتمدها , باجماع الضمير الكوني" , على مايبدو ان هذا الفيلسوف لم يقرأ عن (آنا ارندت) او (هابرماس) او حتى الثقافة الإسلامية في نقد ونقض الاجماع أي سياسة  القطيع  ونحن  نبتأس لموقفه من الشعب اللبناني الا ان هذا الابتئاس يزول لان النتيجة والمخرجات تتماهى تماما مع المقدمات البيئية واللاهوتية.


المصادر الفكرية للفيلسوف:


خريج معهد الآباء البولسيين، وأطروحته خاتمة الفكر الميتافيزيائي, اما الدكتوراة فكانت في "المدينة الإنسانية في فكر مارتن هايدغر" وتفرغ بعدها للتدريس في الجامعة اللبنانية قسم الفلسفة كلية الآداب والعلوم الإنسانية " الفرع الثاني".


المحــــــــــــــــــــــور الرابع:


مساحيق الوصاية الدولية


حينما نتحدث عن طلائع المد الثقافي , نعني الذين يقومون بالتطبيل للاستقواء بالخارج ويدعون للتطبيع من الداخل , فقد وصفهم بــ" النضج السياسي الكوني/ الفهم القانوني/ التدبير الإداري".


وعلى ما يبدو ان الفيلسوف لم يطلع على وضعية الأقليات المهاجرة في الخارج ويصر على إعادة انتاج رواسب فرنسا سايكس بيكو (2) , وقد توسع في هذا المقام ووصفهم " بالانتظام العصري/ الموسع/ الأمم الحضارية/ " للأسباب التالية: "حرصها/ مواكبتها/ ورعايتها/ ومؤازرتها"، مفاهيم تغفل عن ادراك خصوصيات الأمم والدول والشعوب حتى الأفراد, بل حتى عوالم الكائنات الحية الحيوانية، ما بين مفنرسة ومدجنة.


-رؤية فاقدة للتميز لأن سايكس بيكو (1) كان من قبل دولة, لكن سايكس بيكو(2) اممية كونية.


واستمر في وصف هذه الوصاية بأنها " المحايدة/ الحكيمة / العادلة" واضفى عليها صفات لاهوتية " شرعية/ مستنيرة , تريد انقاذ لبنان حبا له وحرصا على مكانته الحضارية/ ووفاء للتعددية/ وقابليته الإبداعية" , وهنا جوهر المسألة قابلية ,ام قبل, ام قبلات, ام استقبالات, وعلى رأي مظفر النواب  يسمون احتلال البلاد ضيافة"، الم يشاهد الفيلسوف نهب القوات الأميركية للمتحف العراقي للأثار على الملالات الأميركية؟؟!! فالعراق ليس بعيد عن جغرافيا لبنان، أولم يسمع الفيلسوف عن سرقة العدو لجثة النبي "دانيال" التي ضبطت في مطار بغداد؟ وقد استلهم من الوصاية "حسهم على استخراج الأفضل من معين اختباراتهم التاريخية" , كيف لوصاية تعمل على استخراج الأفضل؟؟ على ما يبدو ان أستاذ الفلسفة لم يطلع على آخر قوائم معطيات الفلسفة في الدراسات العليا الا وهي الانتروبولوجية والتي وصفت شعوب افريقيا في الماضي بالشعوب المغفلة,  فضلا ان الانتروبولوجية البريطانية لا تستخرج من مستعمراتها الا اضعف حلقات ارادتها التاريخية وتخفي ما هو اقوى، الم يراجع الفيلسوف جمعيات الفن المنحط " في عهد الاحتلال البريطاني لمصر"؟ انه غياب الحس التاريخي للعقل, فكيف يقول " انه لا بد ان يختار العقل السليم وصاية الأمم المتحضرة وقد تدعمت بشرعية الأمم المتحدة  لمؤازرة لبنان"، هذه مأساة الفيلسوف ونحن بالتالي نبتأس لصالحه لأنه وضع رأسه فوق رماح الغزو الغربي حين ظن حسن الطالع في الأمم المضطهدة, الم يسبقها يا فيلسوف عصبة الأمم ثم مجلس الامن الدولي للدول الكبرى فقط؟ وماذا صنعت المؤسسات الدولية الا تعميق مأساة القضية الفلسطينية وتكريس الاحتلال على بضع خطوات من  الفاكهة في البقاع.


ووسم الفيلسوف هذه الوصاية الآحادية " انها وحدها درء السلم الأهلي/ درء للعواقب/ للتأزم السياسي والاجتماعي/ للأحتشاد العاطفي / اضطراب ذهني يدفع للتضارب/ تجارب الاستقواء والاستعلاء/.


واستدعى الفيلسوف أساليب أفعل التفضيل " الوصاية بفضل الاجماع العاقل/ المتين/ ضد الارادات/ تستطيع وحدها باستقواء الخارج ان تحمي الوطن".


نلاحظ هنا تناقضا صارخا بين اجماع دولي مقابل خلاف محلي "ارادات طيبة" مقابل "سذاجة مغفلة"، وهو في هذه المرة على حق لما يفعله ترامب مع أوروبا على ان تدفع له, وعلى ما فعله بعرب الخليج ان يدفعوا أيضا, ولذلك نزع الفيلسوف الي "ان الوصاية الأممية وحدها ان تزود عن لبنان" ودون مقابل ترامبي.


وعلى العموم سنتحمل أمثال هذه العبارات لان لبنان يتميز بالتعددية, والأكثر فداحة بما سبق انه تجاوز القوى العربية والإقليمية "فلا مكان للبنان الا على قدر ما تستخدمه او تستعبده".


وليس من المستعبد على جوزيف الهاشم حينما قال " من غرائب الأمور ان يكون الرئيس ماكرون حريصا على اتفاق لبنان من الانهيار وتأجيج النار وقد تسابق الشعب ليعلق المشانق والاعدامات لكن الإعدام المعنوي اصعب".


اما الغريب أيها الهاشم ان لا تدرك المغزى , والمغزى يكمن في رائحة النفط والغازالتي تزكم الانوف, الم يكفك زيارة كل من ساركوزي الفرنسي وبرلسكوني بزيارتهما الاستباقية المفاجئة الي ليبيا قبل زيارة اردوغان المحددة سلفا, ووقعا الاتفاق بحصة ثمانين في المئة لكل منهما؟


وخلاصة ما وصل اليه الهاشم والمتطابق مع الفيلسوف هدفا ووسيلة " ولكن يبقى هناك سيفان مسلطان" على من؟؟!! تستطيع الحكومات ان تحيل كل منهما الي غمده.


سيف العقوبات الدولية, و" سيف محكمة الشعب/ ونصب المشانق في الشوارع والاعدام المعنوي اشد ايلاما من اعدام الجسد".


الم يقل السيد المسيحي عليه السلام ( لا تظن اني جئت لألقي سلاما على الأرض بل جئت لألقي سيفا).


(يا أيها الناس انا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم)


وعن الامام علي عليه السلام (لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حرا)


ولقد اوجد الهاشم وعبر عن حزن الامام علي" ان يتولى امر هذه الامة سفهائها وفجارها".


 


 


فاطمة مزيحم

فاطمة مزيحم

كاتبة وصحافية لبنانية