أشارت دراسة حديثة أن تناول اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة، مثل لحم الخنزير واللحم الخنزير المقدد والنقانق، يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الأمعاء، كما وأن هذه الأنواع من منتجات اللحوم لها أيضًا ارتباطات مع زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني.
ويحاول الباحثون حاليا دراسة الآثار الصحية للتجارة الدولية المتنامية في اللحوم الحمراء والمعالجة، وهم يجادلون بأن التجارة الدولية تساهم في زيادة حدوث الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي من خلال زيادة توافر هذه المنتجات.
دراسة حديثة
وعلى مدى العقدين الماضيين، تضاعفت التجارة العالمية في اللحوم الحمراء والمعالجة، من 10 ملايين طن في 1993-1995 إلى 24.8 مليون طن في 2016-2018.
أشار مؤلفو الدراسة الجديدة، التي ظهرت في BMJ Global Health، إلى أن إنتاج اللحوم الحمراء للتصدير له تكاليف بيئية من حيث فقدان الموائل والتنوع البيولوجي فضلا عن الضرر الذي يتسبب به بصحة المستهلكين.
وكتب العلماء أن الزيادة السريعة في التجارة العالمية في اللحوم الحمراء والمعالجة قد عقّدت الجهود المبذولة لجعل النظم الغذائية البشرية أكثر صحة واستدامة، ذلك لأن التجارة تزيد الاستهلاك في أسواق البلدان التي لا تنتج الكثير من اللحوم الحمراء والمعالجة، ودرس الباحثون مساهمة التجارة الدولية في هذه الأنواع من اللحوم في الأعباء الصحية للسرطان وأمراض القلب والسكري، ويقدرون أنه على مدار العقدين الماضيين، ساهمت التجارة الدولية في اللحوم الحمراء والمعالجة في زيادة العبء العالمي لهذه الأمراض بنسبة 75 بالمئة.
وقد صنفت منظمة الصحة العالمية (WHO) اللحوم المصنعة كسبب محدد للسرطان واللحوم الحمراء كسبب محتمل، وتشمل اللحوم المصنعة منتجات مثل النقانق ولحم الخنزير المقدد والسلامي ولحم الخنزير.
قالت أماندا فينش، مديرة المعلومات الصحية في مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، "إذا كنت تتناول الكثير من اللحوم في معظم الأيام، فمن الجيد التفكير في التقليل"، وقالت لمجلة ميديكال نيوز توداي Medical News Today: "لكن كلما قل تناول هذا النوع الطعام، قل الخطر، لذا فإن التقليل من تناول الطعام بشكل عام مفيد لصحتك بغض النظر عن مقدار ما تأكله".
دور التجارة العالمية
قدر العلماء في مركز تكامل النظم والاستدامة بجامعة ولاية ميشيغان في إيست لانسينغ بولاية ميتشيغن التغيرات في المخاطر الصحية التي تُعزى إلى التجارة العالمية في اللحوم الحمراء والمعالجة.
لقد قاموا بحساب الاستهلاك اليومي لهذه الأنواع من اللحوم في 154 دولة لكل فرد من السكان، بناءً على الكميات التي تنتجها كل دولة وتستوردها وتصدرها وتتخلص منها كنفايات، كانت البيانات المتعلقة باللحوم الحمراء في الغالب تتعلق بلحوم البقر ولحم الخنزير ولحم الضأن والماعز.
تضمنت البيانات الخاصة باللحوم المصنعة - معظمها من لحم البقر ولحم الخنزير - المنتجات المحفوظة عن طريق التدخين أو التمليح أو المعالجة أو المواد الحافظة الاصطناعية.
استخدم العلماء معلومات من مشروع "العبء العالمي للأمراض" Global Burden of Disease ، الذي يقيم تأثير عوامل الخطر الخاصة لكل بلد، لاكتشاف الآثار الصحية لاستهلاك اللحوم.
على وجه التحديد، نظروا في الوفيات الناجمة عن سرطان القولون والمستقيم، والسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب الإقفارية ischemic heart disease، وعدد سنوات العمر المتسببة بالإعاقة disability-adjusted life years (DALYs).
واستخدم الباحثون أداة إحصائية تسمى "إطار تقييم المخاطر المقارن" comparative risk assessment framework لتقدير مساهمة واردات اللحوم الحمراء والمعالجة في هذه الوفيات ومعدلات DALYs في كل بلد.
الوفيات والعجز
أفاد الباحثون أن زيادة الاستهلاك بسبب هذه التجارة شكلت 10898 حالة وفاة في جميع أنحاء العالم بين الأعوام 2016-2018. كانت هذه زيادة بنسبة 74.6 بالمئة من 1993-1995.
ارتفع الرقم العالمي لمعدل DALYs المنسوب إلى تجارة اللحوم العالمية بنسبة 89.9 بالمئة، من 165،008 بين 1993-1995 إلى 313،432 بين 2016-2018.
خلال نفس الفترة، حصل تغيير في أكبر الدول المصدرة للحوم التي تتسبب في هذه الأعباء الصحية، بدلا من نيوزيلندا وأستراليا والولايات المتحدة إلى البرازيل وألمانيا وهولندا.
في الوقت نفسه، زادت مساهمات البرازيل والأرجنتين وباراغواي في التجارة العالمية في اللحوم الحمراء والمعالجة خلال هذه الفترة من 0.5 مليون طن إلى 2.4 مليون طن، وتمثل هذا الزيادة من 4.9 بالمئة إلى 9.7 بالمئة من إجمالي صادرات اللحوم العالمية.
وكان لتجارة اللحوم العالمية تأثير صحي كبير بشكل خاص على الدول الجزرية والبلدان الصغيرة نسبيًا، التي تستورد الكثير من اللحوم الحمراء والمعالجة، بما في ذلك جزر الباهاما وتونغا وأنتيغوا وبربودا وسيشيل وسنغافورة.
على الرغم من أن أكثر من 65 بالمئة من الوفيات والإعاقات الناجمة عن التجارة حدثت في البلدان ذات الدخل المرتفع، إلا أن الزيادة في العبء الصحي خلال هذه الفترة كانت أكثر حدة في البلدان منخفضة الدخل.
يوضح المؤلفون أن هذا يرجع إلى اعتماد البلدان ذات الدخل المرتفع على الواردات لتلبية الطلب المتزايد على اللحوم بسبب التوسع الحضري السريع ونمو الدخل.
نتائج الدراسة
واستنتج الدكتور مين غون تشونغ، Min Gon Chung, Ph.D.، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة أنه: "على الرغم من اقتراح العديد من الإرشادات الغذائية لكل من صحة الإنسان والاستدامة البيئية في جميع أنحاء العالم، إلا أن القليل من المبادرات الدولية والمبادئ التوجيهية الوطنية للنظم الغذائية المستدامة تعالج بوضوح الآثار غير المباشرة لتجارة اللحوم عبر البلدان"،.
وأضاف: "وبالتالي، هناك حاجة ماسة لإدخال سياسات عبر القطاعات (الصحة، والإنتاج، والتجارة) نحو تقليل الاعتماد على واردات اللحوم الحمراء والمعالجة للحد من حدوث [الأمراض غير السارية] والوفيات المرتبطة بالنظام الغذائي في هذه البلدان المعرضة للخطر".
أوجه الضعف في الدراسة
لحظ المؤلفون أوجه الضعف والقصور في دراستهم وكذلك بعض قيود تحليلهم، فعلى سبيل المثال، شملت الدراسة فقط 20 منتجًا رئيسيًا من منتجات اللحوم الحمراء والمعالجة. يقول الباحثون إن العناصر الأخرى يمكن أن تتسبب بمخاطر صحية إضافية، كما أن تحليلهم لم يأخذ في الحسبان البلدان التي تستورد اللحوم الحمراء من أجل معالجتها وإعادة تصديرها.
نتيجة لذلك، ربما بالغت الدراسة في تقدير العبء الصحي الناجم عن تجارة اللحوم العالمية في البلدان الصناعية، مثل هولندا وسنغافورة، التي تعيد تصدير الكثير من اللحوم.
ترجمة "زوايا ميديا"
بتصرف عن Medical News Today