info@zawayamedia.com
بيئة

في اليوم العالمي لشجرة الزيتون... زيتونة الولجــة تتحدى جدار الفصل العنصري!

في اليوم العالمي لشجرة الزيتون... زيتونة الولجــة تتحدى جدار الفصل العنصري!

يحتفل العالم يوم 26 تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام باليوم العالمي لشجرة الزيتون، بعد أن قرّر المؤتمرُ العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، إبّان دورته الأربعين المنعقدة في عام 2019، إعلان هذا اليوم يوما عالميا لهذه الشجرة المباركة .


الزيتون شجرة مباركة وغصنُ الزيتون بالتّحديد، يشغل مكانةً جليلة في وجدان البشر، ورد ذكرها في الانجيل والقرآن الكريم، وتعتبر رمزاً للسلام والمحبة والحكمة والوفاق والوئام، وتنتشر أشجار الزيتون الكبيره المعمرة في كل ارجاء فلسطين، ويطلق عليه شعبيا اسم ''الزيتون الرومي'' حيث يربط الناس هذا النوع من الزيتون بالفترة الرومانية، وهذا خطأ شائع لأن اشجار الزيتون موجودة في فلسطين قبل الحقبة الرومانية، وهناك عدد كبير من معاصر الزيتون الصخرية والتي تسبق هذه الحقبة، وكان زيت الزيتون يستخدم في الأكل والعلاج من قبل الكنعانيين والفينيقيين والأنباط وغيرهم من الأمم التي سكنت هذه البقاع، كما استخدم لإنارة المسارح والساحات والكنائس والمساجد والصروح الأخرى.


وفي فلسطين توجد شجرة زيتون تلقب بـ "أم الشجر المعمر"، والتي يزيد عمرها عن الخمسة الاف عام، حيث شهدت العديد من الحروب والصراعات والأزمات في فلسطين ولا زالت هذه الشجرة شاهدة على جذور الفلسطينيين الكنعانية منذ آلاف السنين، وكما هذه الشجرة، تنتشر في فلسطين العديد من الأشجار المعمرة والمستهدفة من قبل قطعان المستوطنين؛ بما تمثله هذه الأشجار من دلالة رمزية للصمود، وهي أصدق تجسيد للذاكرة الفلسطينية الجمعية اضافة الى فوائدها على الصعيد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والبيئي، والتي تعد جزءًا جوهريًا من التراث الثقافي غير المادي للفلسطينيين، من قطف الزيتون التقليدي إلى الأغاني الشعبية التي تحتفل بالزيتون باعتباره رمز الهوية والكرم.


وتعرف شجرة الزيتون في " الوَلَجَـــةُ " باسم "شجرة البدوي" وهي تقع في منطقة وادي جويزة في قرية الولجة بمحافظة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، وهي احدى القرى التسع الثابتة التي لا زالت صامدة حول مدينة القدس، ويجاورها جدار الفصل العنصري الإسرائيلي، وأطلق السكان عليها مجموعة متنوعة من الأسماء، من بينها الحصن، والمرأة العجوز، وأم الزيتون، وعروس فلسطين.


ويعتز الفلسطيني صلاح أبو علي "أبو عيسى " (50 عامًا) بامتلاك عائلته أقدم وأضخم شجرة زيتون بالعالم وعن سبب تسمية الشجرة " شجرة السيد أحمد البدوي"، هو نِسبة إلى مُعتكف بدوي السيد أحمد البدوي، ترك الدُنيا ومتاعها تَحت ظِل الشَجرة، مُفكرأ مُتعبدأ مُتأملأ لِهذا سُميت بإسمه .


شجرة البدوي الغارقة في عمق التاريخ، والتي يقدر عمرها بأكثر من خمسة الاف عام، أي قبل ميلاد النبي موسى عليه السلام، شهدت نشوء الديانتين المسيحية والإسلامية وهي لا زالت جذورها متمسكة بالارض، وتأبى الا ان تروي حكاية الشموخ على هذه الأرض، وقدر خبراء إيطاليون عُمرها بثلاثة آلاف عام فيما قدره خبراء يابانيون بقرابة 5500 عام بحسب "أبو عيسى "، ومنذ نحو عشر سنوات، عينت وزارة الزراعة الفلسطينية "أبو عيسى" حارسًا على الشجرة، وهو يمضي يومه في جوار الشجرة، التي باتت مقصدًا لسياح أجانب ومحليين.


وقال "أبو عيسى": "لا يبعد الجدار الفاصل عن الشجرة سوى عشرة أمتار، كادت تُدمر بفعل أعمال التجريف والتفجير خلال تشييد الجدار،" وترفض عائلة "أبو عيسى"  بيع الشجرة، ويقول حارسها: " بيع الأرض مرفوض، لن نفرط بها"، مضيفا "لنا الشرف أنها تقع في أرضنا".


وتملك العائلة نحو 5 دونمات بجوار الشجرة المعمرة، تُزرع بالزيتون والحبوب، وحول "أبو عيسى" محيط الشجرة إلى حديقة طبيعية، حيث بنى جدرانًا حجرية ومقاعدًا. وهو يحرص يوميًا على تنظيف محيط الشجرة، ويقول إن علاقته بها تحولت إلى ما يشبه علاقة "الجسد بالروح".


يبلغ ارتفاع الشجرة المُعمرة حوالي 12 مترًا، وقطرها نحو 25 مترًا، وتغطي مساحة 250 مترًا مربعًا، ويخرج من الشجرة الأم نحو 22 شجرة. يقول عنها "أبو عيسى" : "الشجرة بمثابة كرم زيتون"، وتنتج الشجرة نحو 500 كيلو غرام (ثمار) سنويًا، لكن المنتج تراجع في السنوات الأخيرة، لقلة مياه الأمطار.


وبينما يعمل على قطف ثمارها، يصف "أبو عيسى" زيت الشجرة بـ "السمن"، ويعرف ثمارها بـ "الحواري"، وهو من أفضل أنواع الزيتون، ويعد زيت زيتون بلدة بيت جالا والبلدات القريبة لها (الولجة على أطراف بيت جالا) من أجود أنواع الزيت في فلسطين، ويُباع الكيلو غرام الواحد بنحو 20 دولارًا.


ويضيف "أبوعيسى " بقوله "هناك علاقة خاصة بيني وبين الشجرة، أمضي يومي بجوارها، وأبات بعض الليالي بجواره"، وتقع الشجرة على بعد عشرات الأمتار من مساكن المواطنين في الوَلَجَـــةُ، ويستقبل الحارس يوميًا الوفود الأجنبية والفلسطينية ويقدم الحارس للزائرين شرحًا عن عمر وميزات الشجرة.


ويتناقل السكان حكايات وأساطير حول الشجرة، التي يعتقدون أن أيدي مباركة زرعتها، وتحدث عامر ارشيد وهو أحد ابناء قرية " الوَلَجَـــةُ " عن أساطير انتشرت حول هذه الشجرة، كما يشير إلى روايات غير مؤكدة بأنها أنتجت في بعض السنوات نحو طن وربع الطن من الزيتون، لكنها هذه الأيام لا تنتج إلا نحو 350 كيلوغراما، وأشار أرشيد إلى أن شجرة " الوَلَجَـــةُ " وتدعى ايضا أم الشجر المعمر، حيث يعد زيتها من أجود أنواع الزيوت؛ وتابع ارشيد حديثه بالقول " تجاور قرية " الوَلَجَـــةُ " مدينة القدس المحتلة، ومن أراضيها يمر القطار الرابط بين القدس ويافا، ويوجد في أراضي القرية 22 نبع مياه، تُروى منها المزروعات والأشجار".

في اليوم العالمي لشجرة الزيتون... زيتونة الولجــة تتحدى جدار الفصل العنصري! 1 في اليوم العالمي لشجرة الزيتون... زيتونة الولجــة تتحدى جدار الفصل العنصري! 1 في اليوم العالمي لشجرة الزيتون... زيتونة الولجــة تتحدى جدار الفصل العنصري! 1 في اليوم العالمي لشجرة الزيتون... زيتونة الولجــة تتحدى جدار الفصل العنصري! 1 في اليوم العالمي لشجرة الزيتون... زيتونة الولجــة تتحدى جدار الفصل العنصري! 1 في اليوم العالمي لشجرة الزيتون... زيتونة الولجــة تتحدى جدار الفصل العنصري! 1 في اليوم العالمي لشجرة الزيتون... زيتونة الولجــة تتحدى جدار الفصل العنصري! 1
خالد أبو علي

خالد أبو علي

باحث

باحث فلسطيني في مجال البيئة والتراث الشعبي

تابع كاتب المقال: