يعيش الناشطون على أمل تحقيق حلم يعطي الكائنات الحية التي تشاطرنا حيزنا المجتمعي، الحماية والرعاية الكافية، وهي بالتحديد الحيوانات الشاردة، حيث لا تقدم هذه المقاربة الحماية والرعاية لها فحسب، بل للمجتمع بأكمله، وهو ما اتفقت عليه وزارتا الزراعة والبيئة اليوم ضمن العمل على التعاون والتنسيق في مختلف مجالات العمل المشترك، وفي هذا المجال، بهدف إنشاء مراكز إيواء للحيوانات الشاردة بالتعاون مع البلديات والناشطين والجمعيّات، ولكن... تبقى العبرة بالتنفيذ!
فقد طالب الناشطون في مجال الرفق بالحيوانات، وعلى مدى السنوات الماضية، بتحقيق هذا الأمر، وبالتعاون مع جميع المعنيين، بهدف أساسي وهو حماية هذه الحيوانات من الإعتداءات المتكررة التي تجعلها تقضي قتلا بالسم كما حصل في مجزرة الغبيري ومسلسل التسميم المتنقل بين البلديات، أو بإطلاق النار عليها، أو دهسا على طرقات لبنان، ومن جهة ثانية تتعرض للأمراض نتيجة الطعام المرمي في القمامة والتلوث وعدم تلقيحها، وهي التي تحمي مجتمعاتها من حيوانات أخرى قد تهاجمها، وتقوم بمهمة الحراسة دون أجر، وبالمقابل تتعرض للتعنيف والإعتداءات.
ووفقا لموقع "الأخبار" فقد استقبل وزير الزراعة عباس الحاج حسن وزير البيئة ناصر ياسين للتباحث في وضع خطة لإنقاذ هذه الحيوانات، وحضر اللّقاء حسين حمزة، صاحب مأوى الكلاب الشاردة في الكفور (قضاء النبطية)، والزميلة آمال خليل.
وقدّمت الزميلة خليل للحاج حسن كتاباً يطلب إنشاء مراكز إيواء في نطاق اتحادات البلديات يضمن جمعها من الشوارع وخصيها لمنع تكاثرها، علماً أنّ مجلس النواب كان قد أقرّ القانون 47 لحماية الحيوانات والرّفق بها، في 5 أيلول 2017، إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ بالرغم من أن تطبيق النظام الحمائي بات مطلباً لدى شريحة واسعة من اللبنانيّين، خاصة مع انتشار ظاهرة سوء معاملة الحيوانات وقتلها التي تشارك فيها البلديات أحياناً.
واستند الكتاب إلى نصّ المادة 12 من القانون الذي يحدّد أصول التعامل مع الحيوانات «بتوجيهات وزارة الزراعة بما في ذلك الوسائل المقبولة لتحديد النسل والقبض عليها، ومراقبة داء الكلب، ووجوب إمهال أصحابها مدة زمنية معقولة لاستعادتها ومعايير الإيواء وإجراءات مكافحة الأمراض"، فيما تنص المادة 23 من القانون نفسه على أن من مهام البلديات "وضع خطة للتعامل مع الحيوانات الشاردة بناء على توجهات الوزارة وتعمل على تنفيذها سواء مباشرة أو بالتعاقد مع الأفراد أم الجمعيات".
كما وطالب حمزة، الحاج حسن وياسين بالسعي مع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي والتربية والتعليم العالي عباس الحلبي "تعميم ثقافة الرفق بالحيوان من البلديات إلى مناهج المدارس".
في المقابل، تعهّد الحاج حسن بتقديم التسهيلات اللازمة لتطبيق القانون رقم 47 عبر "تسهيل إنشاء مراكز الإيواء في المحافظات الخمس بالتعاون مع البلديات وتوفير التمويل لافتتاحها واستمراريتها من الجهات المانحة المحلية والدولية، فضلاً عن وضع إمكانات الوزارة بتصرف الناشطين في هذا المجال، لا سيما الطب البيطري". واقترح إنشاء هيئة وطنية تختص بمتابعة تطبيق قانون الرّفق بالحيوان وحمايته.
خلال السنوات السابقة، قام ناشطون وجمعيات وبمبادرات فردية، وعلى تكلفتهم الشخصية، بإنقاذ وعلاج وتلقيح وتعقيم وحماية المئات من الحيوانات الشاردة، وقاموا بما تقاعست الحكومات واتحاد البلديات والبلديات عن القيام به، حتى أن بعض الحيوانات التي تعرضت لإعاقات مختلفة، يتم الإحتفاظ بها لدى عدد منهم وفي ملاجئ تابعة لجمعيات، أو يتم تبنيها من الخارج وترحيلها، ولكن مع تفاقم الأزمة الإقتصادية وجائحة كورونا، باتت كل المبادرات تواجه تحديات عدة، وتعتبر هذه الخطوة إن كتب لها أن تبصر النور وأن تنفذ بشكل شامل لن تكون حلا لهذه المشكلة فحسب، بل وسيلة للحد من تكاثر هذه الحيوانات، ما يصعب عملية التعامل معها وعلاجها ومتابعتها وتقديم الرعاية بالصورة الأفضل، وبحيث تحمي المجتمع من الأمراض السارية التي قد تأتيها من الحيوانات البرية.