استقبل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى في دار الطائفة بفردان، عصر اليوم، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في زيارة تهنئة بعد انتخابه شيخا للعقل، بحضور رئيس محكمة الاستئناف الدرزية العليا وعدد من قضاة المذهب والمشايخ وأعضاء المجلس المذهبي والمديرية العامة.
ورافق الراعي وفد ضم المطارنة: رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر، راعي ابرشية صيدا ودير القمر المطران مارون العمار، راعي أبرشية انطلياس المطران أنطوان بو نجم، رئيس عام الرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي نعمة الله الهاشم، ومدير مكتب الإعلام والبروتوكول في الصرح البطريركي المحامي وليد غياض.
الراعي
وألقى الراعي كلمة قال فيها: "صاحب السماحة، الأخ الحبيب والمشايخ الأفاضل، جئنا مع وفد من المطارنة وباسم جميع المطارنة، نقدم التهنئة لصاحب السماحة وكل أبناء الموحدين الدروز الأحباء. تاريخ طويل يجمعنا معا، ولكن أيضا صداقة كبيرة تجمعنا مع سماحته. لقد عملنا معا على المستوى التربوي، حيث يعيش الجميع الهموم التربوية ذاتها لمدارسنا وجامعاتنا. بكل محبة، نقدم التهنئة ونؤكد عرى الصداقة والتعاون من أجل لبنان الذي يجمعنا وضحينا في سبيله، والتاريخ طويل وشاهد".
أضاف: "نحن، أكثر من أي وقت مضى، كرؤساء أديان نضع يدنا بيد بعضنا لكي يسمع شعبنا غير اللغة التي يسمعها اليوم، لغة التخوين والخلافات والنزاعات. وفي النتيجة، لبنان وشعبه يعيشان الفقر والهجرة المتزايدة، والدولة تتحلل كأنها من كرتون. نحن في حاجة إلى أن نلملم حالنا ونسمع شعبنا كلمة رجاء وأمل للمستقبل، وكذلك في إيصال كلمتنا. ودورنا أيضا مخاطبة ضمائر المسؤولين".
وتابع: "صحيح أننا لا نتعاطى شؤون التقنيات بالعمل السياسي، لكن نحن المؤتمنين على الشأن الروحي من واجباتنا مخاطبة الضمير ونذكر بالثوابت والمبادئ الوطنية ونحافظ على كرامة كل شخص بشري من أي طائفة ودين. ما يجمعنا أننا لبنانيون دروزا وموارنة وسنة وشيعة، نعيش المسؤولية معا. ونحن نتأمل مع سماحتكم بأن نبدأ فجرا جديدا، وهو ما كان موجودا أصلا مع سماحة الشيخ نعيم حسن، وقد كانت علاقتنا مع سماحته طيبة جدا، وكان التواصل دائما لنطفئ معا النيران، ونوجه له التحية الكبيرة".
وأردف: "عسى الفجر الجديد مع سماحتكم أيضا، وبما تمثل، باعتبار الأوضاع تسير الى الوراء وضميريا لا يمكن أن نبقى متفرجين وأن نجلس جانبا ونترك القضية بيد السياسيين. يجب أن نخاطبهم بالضمير، وهو صوت الله بالإنسان، وهذه اللغة التي يفهمها الجميع. نحن لا مصالح لدينا، فمصالحنا المشتركة هي خير شعبنا ووطننا لبنان، حيث نعود للعيش في زمنه الجميل".
وقال: "إن لبنان لم يتألف اليوم، إنما عمره مئات السنوات. لقد حلق بالثقافة والرقي والاقتصاد، وبتلك المقولة الشهيرة بأن لبنان مستشفى وجامعة العرب والحرية، فهنا كانت الحياة الجميلة، ونحن نشعر اليوم بأننا غرباء. وأنتم أيضا كموحدين دروز، مع كل تاريخكم وتاريخنا، أصبحنا جميعا غرباء في الجبل اللبناني، فليس هذا هو الجبل. في لبنان نشعر كلنا بالغربة، أين هويتنا؟ وفي أي بلد نحن؟ وبأي عالم نعيش؟".
وختم: "أحييكم صاحب السماحة وكل الإخوة في طائفة الموحدين الدروز، وسنكمل الطريق معا، رغم كل شيء، فالله سبحانه وتعالى يبارك الخيرين والأيادي التي تتشابك لعمل الخير، هذا ما نتوخاه من التعاون معا، رغم كل شيء. أمامنا طريق طويلة ومسؤوليات كبيرة. باسم المطارنة والرئيس العام وكل الطائفة المارونية، نتمنى لكم في طائفة الموحدين كل خير وتقدم، ولوطننا لبنان بأن يعود للعب دوره في الشرق، فهذه الرسالة التي حملها على مدى تاريخه هي من الله، نؤمن بها ونحافظ عليها وننشرها. عشتم وعاشت طائفة الموحدين الدروز، وعاش لبنان".
شيخ العقل
من جهته، قال أبي المنى: "صاحب الغبطة، أصحاب السيادة، إخواني جميعا أهلا وسهلا بكم في داركم دار طائفة الموحدين الدروز، وشكرا على التهنئة والمحبة والكلمة الطيبة. ما بين بكركي ودار الطائفة، وما بين الإخوة الموارنة والموحدين الدروز، وما بين المسيحيين والجبل، كل الجبل، عقد لا تنفصل عراه، عقد المحبة والأخوة والعيش المشترك، بنيناه معا وعقدنا العزم معا ونستمر معا ومع كل الطوائف في لبنان وشرائح المجتمع اللبناني، فالأمر ليس بمفهوم ثنائي بقدر ما هو العقد الإنساني والعلاقة التاريخية التي لا يمكن أن تنفصل وتنقطع".
أضاف: "معا بنينا هذا الجبل، ومعا عقدنا المصالحة التاريخية، ومعا نستمر من أجل لبنان الرسالة، الذي يجب أن نحفظه برموش العيون وبجهدنا المشترك، وبصلواتنا وعملنا وتعاوننا مع بعضنا البعض نحمل الرسالة ونبني الوطن".
وتابع: "لبنان لولا الرسالة لا معنى له، فهو رسالة في العيش الواحد والتنوع والوطنية والانفتاح. ومن هنا، نحن حرصاء على هذا الدور الذي تلعبه بكركي، والذي نأمل أن نكون معا للقيام بهذا الدور مع كل رؤساء الطوائف، فنعمل معا من أجل المصلحة الوطنية الواحدة ولبنان الواحد الذي أصبح في وضع يرثى له. كلنا مسؤولون، ونحن كرؤساء الطوائف الروحيين مسؤولون في الدرجة الأولى عن خلق جو إيجابي في الوطن، ومهمتنا كما أراها ليست سياسية حيث السياسة للسياسيين، لكن علينا تمهيد الطريق لخلق هذا الجو الإيجابي وان نلتقي دائما على الخير وتكون كلمتنا الطيبة التي تدعو إلى الخير والمحبة والوحدة، وعلى السياسيين ان يتلقفوا المبادرات، والاستفادة من الأجواء التي يجب خلقها وتعميمها على مستوى كل طائفة وعلى مستوى الوطن ككل".
وأردف: "زيارتكم صاحب الغبطة مشكورة ومقدرة، ولها معنى كبير لدينا ولدى إخواننا المشايخ وأعضاء المجلس المذهبي، فهي زيارة لها مغزى ومعنى، ولعلها تكون فاتحة خير، كما كانت زيارة أصحاب السماحة والسيادة الذين زارونا قبل اليوم، علنا نلتقي ونصل إلى قمة روحية تحاول خلق هذا الجو وتضع الأسس التي يجب أن تكون عنوان المرحلة في التسامح والمحبة والانفتاح والحفاظ على الرسالة".
وختم: "هناك تجاذبات وأمور يومية تشغل بالنا، اقتصادية وسياسية مختلفة، لكن المهم كيفية المحافظة على الرسالة، وألا تشغلنا تلك المشاكل عن الهم الأساسي، وهو البقاء على صيغة لبنان التي حصنها الطائف وعنوانها الوحدة الوطنية والمصلحة الوطنية والانفتاح على إخواننا والأشقاء في هذه المنطقة لكيلا تغلق الأبواب في وجهنا ووجه أبنائنا. إن عملنا وإياكم إن شاء الله مستمر لأننا عملنا وإياكم في أكثر من مجال تربوي وحواري، وكذلك مع سماحة الشيخ نعيم حسن في القمم الروحية، ونحن مستمرون إن شاء الله. نقدر زيارتكم ونعقد العزم على الاستمرار".
وبعد ذلك، عقدت خلوة بين البطريرك الماروني وشيخ العقل تم خلالها تناول مواضيع روحية ووطنية عامة.