كتبت صحيفة "النهار" تقول: مع انقضاء الأسبوع الأول أمس على احداث الطيونة -عين الرمانة في 14 تشرين الأول الجاري، تصاعدت مؤشرات توظيف هذه الاحداث في مسار يخشى انه بدأ يعطل عمل الحكومة وينذر بتحويلها إلى حكومة تصريف اعمال "موسع"، رغم زعم الثنائي الشيعي، الذي لا يزال يتمسك بشروط تعطل مجلس الوزراء، بأنه لا يستهدف إنتاجية الحكومة. وإذ لم تظهر أي مؤشرات جدية إلى امكان حل التعقيدات التي جعلت الحكومة تتفرج من بعد على آخر موجات الاضطرابات الاجتماعية والحياتية الناشئة عن الارتفاعات الحارقة في أسعار المحروقات، برز عامل توتير سياسي إضافي قد يؤدي إلى مزيد من التعقيدات بين اهل السلطة وذلك في ظل احتمال عدم توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون قانون التعديلات على قانون الانتخاب الامر الذي سيضيف عامل تشنج بالغ الحساسية على المخارج المحتملة لاعادة احياء جلسات مجلس الوزراء.
غير ان التطور الأبرز والأخطر الذي أعاد تسليط الأضواء على التداعيات السياسية لأحداث 14 تشرين الأول تمثل في استباق رد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على الاتهامات والهجمات التي شنها ضده الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله قبل أيام، بتسريب معلومات عن طلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي الاستماع إلى افادة جعجع حول احداث الطيونة. وهو التطور الذي استعاد فوراً ذكرى تجربة تفجير كنيسة سيدة النجاة أيام الوصاية السورية وإلصاق التهمة آنذاك بجعجع واعتقاله واجراء محاكمات مدبرة في حقه. ولكن جعجع الذي أكد انه لم يُبلغ بعد، اعلن ان كلمة السيد نصرالله الأخيرة "كانت بمثابة هدية مسمومة مليئة بالمغالطات والأكاذيب والشائعات التي لا ترتكز إلى أي أساس من الصحة". وقال انه "إذا صح ان مفوض حزب الله لدى المحكمة العسكرية طلب الاستماع إلى إفادتي "فتكرم عينو" ولكن شرط ان يستمع إلى السيد نصرالله قبلي لان حزب القوات اللبنانية حزب شرعي ومسجل لدى وزارة الداخلية ولا أي مخالفة لديه فيما حزب الله ليس حزبا شرعيا وليس مسجلا وهناك كثيرون منه متهمون بجرائم مختلفة". واكد ان القضاء لا يعمل بمنحى من اقوى من الاخر ويجب ان يبدأ بالطرف المتورط. وأعلن جعجع انه في حال صح انه سيستدعى سيجري تحضير الرد القانوني ولكن بعد الرد السياسي. وأعلن ان "أيام زمان ولت وأيام كنيسة سيدة النجاة ولّت، واقله يجب استدعاء السيد نصرالله. وشدد على انه "لن تتكرر اطلاقاً أيام المجلس العدلي الذي حاكمه في ظل عصر الوصاية السورية وأكثرية الشعب اللبناني لن تقبل بذلك ولن تروني أبدا على طريق اليرزة بهذا المعنى". وفي ردوده على اتهامات نصرالله له وللقوات اعتبر جعجع ان حزب الله هو اكبر خطر على لبنان منذ عام 2005، لافتا إلى مجموعة صور لشهداء "ثورة الأرز" وملمحاً إلى ان الحكمة المنتشرة تقول ان الحزب وراء اغتيالهم. وإذ أوضح ان حزب الله لا يريد التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت وليس فقط المحقق العدلي وان ما قاموا به في الطيونة كانوا يريدون منه 7 أيار لوقف التحقيق في المرفأ، ولم يكن هناك لا كمين ولا مؤامرة، ولما أخفق في وقف التحقيق اختلق قصة الكمين واختلق العدو اي القوات اللبنانية. ورد على كلام نصرالله عن مئة الف مقاتل في مقابل 15 الفا للقوات فقال "ليس لدينا مقاتلون في القوات بل بين 30 و35 الف محازب للقوات، ولدينا الجيش وقوى الامن وأربعة ملايين لبناني معنا. أما كلفة المئة ألف مقاتل فهي بأقل تقدير ما بين خمسين ومئة مليون دولار شهريا فماذا لو صرفت على الجنوب وبعلبك الهرمل؟ ثم لماذا تترك إسرائيل تخرق الأجواء والبر والبحر كل يوم؟"
وسخر جعجع من اتهامات نصرالله حول علاقات مزعومة للقوات بداعش وبالتآمر لاشعال حرب أهلية واصفاً كل هذه الاتهامات بانها أكاذيب بأكاذيب يهدف من ورائها للخروج من ورطته. وشدد على ان لا مواجهة عسكرية بيننا وبين حزب الله بل مواجهة سياسية مع مشروع حزب الله المدمر للبنان.
وكانت وكالة رويترز نقلت عن "مصادر مطلعة" ان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي أعطى إشارة بالاستماع إلى افادة جعجع في ملف الطيونة على خلفية الاعترافات التي ادلى به الموقوفون في هذا الملف فيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية ان عقيقي كلف فرع التحقيق في مخابرات الجيش باستدعاء جعجع واخذ إفادته.
في غضون ذلك وعلى رغم تردي الاوضاع المعيشية وتحرك الشارع مجددا غداة رفع الدعم في شكل نهائي عن المحروقات وتحليق اسعارها، لم تبرز أي مؤشرات إيجابية حيال عقد جلسة لمجلس الوزراء. حتى ان "كتلة الوفاء للمقاومة" التي اعادت ترداد الهجمات العنيفة على حزب "القوات اللبنانية" تجاهلت أي ذكر لمشكلة منع مجلس الوزراء من الانعقاد وراحت توزع التوجيهات إلى "الوزراء في الحكومة لتفعيل الإنتاجية في وزاراتهم ضمن هامش الصلاحيات المتاحة لهم" معتبرة ان "كثيرا من المهام والمشاريع المطلوبة وحتى بعض القوانين الصادرة تحتاج من الوزير والإدارات المختصة إلى إجراءات تنفيذية لتحويلها إلى إنجازات بدل التذرع ببعض الصعوبات والعراقيل للتوقف عن بذل الجهود لتجاوزها والتغلب عليها ".
في موازاة ذلك تسلمت رئاسة الجمهورية أمس قانون تعديل قانون الانتخاب، وعلم من أوساط بعبدا ان رئيس الجمهورية "سيدرس مضمونه قبل اعلانه اي موقف من رده او عدم رده". وبحسب هذه الأوساط فان "رئاسة الجمهورية تعتبر ان القانون الذي أُحيل بصفة العجلة يتضمن مخالفات دستورية بعدم المساواة بين اللبنانيين المقيمين والمغتربين وبطريقة تقديم تاريخ الانتخابات وهو الذي تحدده السلطة التنفيذية ويصدر عن وزير الداخلية الذي سبق ان وجه الدعوة إلى الانتخابات في 8 أيار". وافيد ليلا ان عون يتجه إلى رد القانون إلى مجلس النواب ضمن مهلة الخمسة أيام باعتبار ان القانون يحمل صفة العجلة.
ويلاقي موقف الرئاسة موقف "التيار الوطني الحر" الذي يستعد نوابه للطعن في القانون لدى المجلس الدستوري (...).