أي تأخير في إعلان تشكيل الحكومة العتيدة، يُستشف منه يقيناً، أن ثمة من لم يستوعب الدرس، ولا زال يكابر ولو على دماء اللبنانيين وما بقي من أحلامهم المهشَّمة، ولا زال يؤثر المعالجة انطلاقا من دائرة مصالحه، وكأن شيئا لم يكن، ولا هو يعيش وقع ارتدادات زلازل قوضت أو تكاد بنيان الدولة الآيل إلى السقوط فيما لو لم يستدرك الجميع بالعقل حجم المخاطر الجدية، فالإستدراك ما يزال متاحا شريطة أن يتواضع من يرسمون أوهاما ويصدقونها، في لحظة سقط فيها كل من في السلطة ولم تعد المشكلة في ما لم يتحقق من وعود وإنما في مَن رفعها، أي في أداء السلطة مجتمعة، وهي تسعى لتكريس امتيازاتها وتدأب لتأبيد زعاماتها.
اعتذر الرئيس المكلف مصطفى أديب أم لم يعتذر، سيبقى بعض أركان السلطة على مواقفهم المرسومة إقليميا، والهدف وأد المبادرة الفرنسية وها نحن نراها تنازع قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، وهم ما عادوا يملكون من خيارات إلا اللجوء للترهيب، لا بل ويعلمون أنهم يقودون البلاد إلى خراب أعمّ وأكبر، خصوصا وأن هناك "ميني" مواجهات حصلت في الأشهر الماضية، وطرحت جملة من الأسئلة، وأهمها أن الدنو من أسوار الزعامة سيواجه بالحديد والنار، وستكون كرة النار في ملعب الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وبمعنى آخر، ثمة من استبد به "كبر الرأس" منفوخا بأوهام القوة ولا يني يطالب باستخدامها سبيلا وحيدا للحفاظ على الامتيازات.
يخطىء من يظن أن ثمة إمكانية للملمة الوضع بالقص والترقيع وكأن شيئاً لم يكن، خصوصا وأن كارثة المرفأ ستظل ماثلة كجرح راعف ما لم تفض التحقيقات إلى تحديد المجرم، من أعلى الهرم وليس العكس، فمن يبادر إلى الانقاذ قبل فوات الأوان؟ ولماذا التعامي عن مسؤولية خصوصا وأن الطيف السياسي المستأثر بمفاصل الدولة أوصل البلاد إلى الإنهيار؟
حتى اللحظة، ليس ثمة ما يشي بأن الأمور آيلة إلى أن تصطلح سريعا، خصوصا على مسار تأليف الحكومة، وهذا يعني العودة إلى تبني آليات سبق وأدت إلى تعطيل البلد، فيما مطالب الناس واضحة، المحاسبة واستعادة الأموال المنهوبة وحكومة من غير السياسيين، وتقديم كل المرتكبين إلى العدالة بعيدا من الإستنساب أي رفع الغطاء عن جميع الفاسدين!