أظهرت النتائج الأولية للانتخابات العراقية تقدماً واضحاً، لا بل ومفاجئاً لمرشحي الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2019، واستمر لأكثر من عامين متتاليين، ويتوقع حصولهم، إلى جانب القوى المدنية المتحالفة معهم، على أكثر من 20 مقعداً نيابياً.
ففي محافظة النجف وحدها حصد مرشحو الحراك نصف المقاعد البالغة 12 مقعداً، وكذلك يتوقع حصولهم على أكثر المقاعد في محافظة ذي قار ومركزها مدينة الناصرية، أحد معاقل الاحتجاج الرئيسية، وبهذا فإن جماعات "تشرين" والقوى المدنية الأخرى المتحالفة تعتبر "الرابح الأكبر"، لا سيما أن هذه هي أول مشاركة لهم في الانتخابات، علماً بأن هذه القوى تعرضت للعنف وتفتقر إلى النفوذ أو الأموال اللازمة لكسب الأتباع والمؤيدين، بخلاف خصومها ومنافسيها في بقية الأحزاب والكتل السياسية.
ولم يسبق للمدنيين بشكل عام الحصول على هذا العدد الكبير نسبياً من المقاعد في البرلمان الاتحادي، الأمر الذي يشكّل علامة فارقة في تاريخ الانتخابات العراقية منذ عام 2005. وربما يكشف عن التوجهات الجديدة للمواطنين العراقيين التي أخذت بالابتعاد شيئاً فشيئاً عن جماعات وأحزاب الإسلام السياسي المهيمنة منذ نحو عقدين، ويعيد رسم خارطة العمل البرلماني.
وإذا كان حصول بعض القوى السياسية على مقاعد برلمانية أو خسارة بعضها أمراً متوقعاً، فالأمر لا ينطبق على جماعات الحراك، ذلك أن معظمها أعلن انسحابه من السباق الانتخابي ولم يشارك فيه، مثلما فعل حزب "البيت الوطني" المنبثق عن الحراك وشكّل ثقلاً كبيراً داخل الاتجاهات الاحتجاجية، وكذلك "اتحاد العمل والحقوق" الذي انسحب هو الآخر من السباق الانتخابي. لكن مؤسس حركة "امتداد" في مدينة الناصرية الصيدلاني علاء الركابي أصرّ على المشاركة رغم الانتقادات التي تعرض لها في حينه، ونجح في تحقيق نتائج انتخابية جيدة وضمن لنفسه ولعدد من رفاقه مقاعد نيابية، بحسب "الشرق الأوسط" اللندنية.
أما حزب "نازل آخذ حقي" المنبثق عن حراك "تشرين" والمشارك هو الآخر في الانتخابات، فإن نتائجه حتى ساعة إعداد هذا التقرير لم تظهر بعد.