لبنان المنهار مالياً واقتصادياً، والذي يعاني من كارثة اقتصادية أوصلت بعض الأفراد إلى حدود المجاعة وضربت كافة القطاعات، فضلا عن جائحة كورونا والإنقجار الثاني غير النووي في التاريخ المتمثل بانفجار مرفأ بيروت، لكن كالعادة فإن مسؤوليه في سمائهم السابعة، فعدد من السياسيين والمصرفيين ورجال الأعمال المتمولين لجأوا للجنات الضريبية، ووفقا لـ "أوراق باندورا" Pandora Papers فقد لجأ هؤلاء إلى trident trust لتسجيل شركاتهم في الملاذات الضريبية، وامتلاكهم لعقارات بمليارات من الدولارات حول العالم، حيث بلغ عدد هذه الملفات لمسؤولين لبنانيين 346 ملفا، ليتصدر لبنان العالم في هذا المجال، إلا أن المفارقة وجود اسم رئيس وزراء لبنان الحالي نجيب ميقاتي.
وثائق باندورا
ومنذ يوم الأحد الماضي، بدأت وسائل إعلامية في العالم، بنشر تحقيقات تحت اسم أوراق أو تسريبات أو "وثائق باندورا"، وهي التسريبات الأكبر في التاريخ لجهة عدد الملفات، حيث تشمل نحو 12 مليون وثيقة عن شركات الـ"أوف شور" في العالم، وهي تحقيق استقصائي في سياق أكبر تعاون صحافي يشارك فيه من لبنان موقع "درج" ونحو 600 صحافي من العالم، بإشراف الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية (ICIJ)حول هذه الملاذات الضريبية حول العالم.
فمن بين 14 مزوداً للملفات المسربة، وعددها نحو 12 مليون وثيقة، كانت شركة trident trust الشركة الأكبر من بينها، إذ بلغ عدد الوثائق المسربة منها نحو ثلاثة ملايين وثيقة، ولبنان سبق كل دول العالم من حيث لجوء مسؤوليه إلى هذه الشركة لتسجيل شركاتهم في الملاذات الضريبية، وقد حلت بريطانيا في المرتبة الثانية بـ151 ملفاً في قائمة زبائن الشركة، وحل العراق ثالثاً بـ85 ملفاً.
نجيب ميقاتي
ومن الأسماء اللبنانية الواردة في هذه الوثائق، رئيس الوزراء الحالي نجيب ميقاتي، الذي رد مكتبه يوم أمس الثلاثاء على الوثائق، وجاء في البيان ما يلي:
"في ضوء (أوراق باندورا) التي تم الكشف عنها مؤخرا، من المهم التأكيد على حقيقة أن أصل ثروة نجيب ميقاتي وعائلته مستمدة من أكثر من 20 عاما من العمل المستمر في قطاع الاتصالات، والذي بلغ ذروته في عام 2005، مع إدراج شركة الاتصالات (التي كانت تمتلكها عائلة ميقاتي) في مجلس الإدارة الرئيسي لبورصة لندن، والاندماج اللاحق مع شركة الاتصالات الرائدة MTN ومقرها جوهانسبورغ".
وأضاف البيان: "لذلك، تم التدقيق في مصدر ثروة عائلة ميقاتي بشكل جيد من قبل الهيئات والكيانات المعنية التي كانت تقود الطرح الأولي للاكتتاب العام، مما يثبت أن مصدر الثروة عينه موثق جيدا، وقانوني، وشرعي ومدقق، وأنه مستمد من الأنشطة العالمية للشركة العائلية التي سبقت دخول الرئيس نجيب ميقاتي إلى الحقل العام في لبنان"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
وأوضح البيان أن "ملكية موناكو، من بين الأصول الأخرى حول العالم، المذكورة على وجه التحديد في الأوراق، ليست الملكية الوحيدة المملوكة من خلال كيان شركة، إذ تندرج معظم الأصول والممتلكات العائلية تحت مبدأ الإدارة والحوكمة الرشيدة ذاته، وبات تنظيم الملكية عن طريق الكيانات القانونية التي توفر المرونة بالإضافة إلى المزايا المؤسسية والمالية والضريبية، من الممارسات التجارية الشائعة والقانونية في حال مشاركة العديد من أفراد العائلة الأصول نفسها".
وأكد البيان أنه "تم التصريح عن أصول وممتلكات نجيب ميقاتي إلى المجلس الدستوري في لبنان منذ دخوله عالم السياسة، وفق القوانين والقواعد والأنظمة المعمول بها".
وأشار البيان إلى "أنه ليس كل الأشخاص المذكورين في أوراق باندورا متهمين بالضرورة بارتكاب مخالفات. كذلك، ليس بالضرورة أن تحدث كل الثروات المتراكمة على حساب الصالح العام والمحتاجين".
وأضاف البيان: "للأسف، انجرف المنطق الكامن وراء الأوراق نحو تحويل معظم، إن لم يكن جميع المذكورين إلى أفراد و/أو شركات مشبوهة، فقط لمجرد إدراجهم هناك. ويتعارض هذا المنطق مع ممارسات السوق الحرة والحوكمة الرشيدة، في الاقتصادات الليبرالية، والمبادئ التي تدافع عنها عائلة ميقاتي".
وزعمت الوثائق تورط نحو 35 من القادة الحاليين والسابقين، وأكثر من 300 مسؤول حكومي (330 سياسيا من 90 دولة)، على رأسهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمير قطر تميم بن حمد الثاني، وعائلة الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وزوجته، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبعض مساعديه، وغيرهم من المشاهير فب الفن والرياضة وغيرها.
تسريبات سابقة
وفي هذا المجال، فقد سبق هذه الوثائق، تسريب عدد من الملفات، ضمن ما يسمى بـ ملفات 2020 FinCEN، وشملت أكثر من ألفي تقرير نشاط مشبوه، قدمتها المؤسسات المالية إلى وكالة إنفاذ الجرائم المالية، أوFinCEN ، وهي جزء من وزارة الخزانة الأميركية، و أوراق الجنة 2017، وهي مجموعة ضخمة من المستندات المسربة لشركة المحاماة الخارجية Appleby، إلى جانب سجلات الشركات في 19 سلطة ضريبية، والتي كشفت عن المعاملات المالية لسياسيين ومشاهير وعمالقة شركات وقادة أعمال، وثائق بنما 2016، والتي كانت تعتبر التسريب الأكبر على الإطلاق من حيث حجم البيانات قبل وثائق باندورا. التسريبات السويسرية 2015 والتي شملت مقربين من أنظمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، والرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس السوري بشار الأسد، وتجارات غير شرعية بالأسلحة والماس غير الشرعي، وتورط مصرف HSBC في نشاطات غير شرعية، وغيرها.