info@zawayamedia.com
بيئة

الجامعة اللبنانية... من صرح علمي إلى مقبرة للإنسانية!

الجامعة اللبنانية... من صرح علمي إلى مقبرة للإنسانية!

قد يكون عنوان هذا المقال صادما، ولكن ليس صادما بقدر الواقع الحقيقي على الأرض، فقد تحولت الجامعة اللبنانية من صرح علمي إلى مقبرة للإنسانية، إنما دون شواهد قبور، فبين أحلام الشباب الضائع، الذي أحرقته نيران التناتش الطائفي السائد، والتقسيم وفقا للطوائف لا الكفاءة، كما هو الحال بكل ما في هذا البلد من دوائر ومؤسسات رسمية وحتى خاصة، يأتي الحدث الأخير، ليزيد في عمق المعاناة التي تجتاح الجامعة الوطنية، بعد أن قضى يوم أمس  أكثر من 12 كلبا بينها جراء بعد تسميمها، ما شكل صدمة للناشطين في مجال الرفق بالحيوانات وللطلاب والمواطنين على حد سواء.


ولم يمر الأمر مرور الكرام للناشطين الذين اعتادوا على إطعام هذه الكلاب ومنذ العام 2015 في حرم مجمع رفيق الحريري الجامعي– الحدت، لدرجة أن الطلاب أطلقوا عليها أسماء وأصبحت تستجيب لنداءاتهم، وقد تحولت إلى أليفة بعدما اعتادت عليهم واعتادوا عليها، ليتفاجأوا باختفائها جميعا، ومنذ يوم الجمعة 17 أيلول (سبتمبر)، وليطلقوا صرخة بعد أن اكتشفت مقابرها التي لا زالت رطبة من معاناتها، ليأتي السؤال بمن أعطى الأمر، ومن نفذه، ومن المسؤول الأول حتى الأخير... ووفقا للناشطة في مجال الرفق بالحيوانات غنى نحفاوي، "لكي لا يدفنوا مرتين"!


وقد نشرت نحفاوي على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" صورة لبعض الكلاب النافقة وأسمائها، ومن الصور وجبة أحد هؤلاء الكلاب BIBO، من المعكرونة التي كان يحبها، ولكن لم تسنح له الفرصة لتناولها، لأنه كان قد تجرع سم اللانيت، وتوفي وهو يتألم، ألما لا يمكن لأحد تصوره، لأن هذا السم لا رائحة ولا نكهة ولا طعم له، ولكنه يستمر في مفعوله لساعات، ولتتحول الساعات الأخيرة لألم فظيع، لا يمكن لهذه المخلوقات المسالمة التعبير عنه، كما كانت تعبر عن الحب والعاطفة لمن كان يطعمها، حتى أولئك الذين قاموا بتسميمها!


May be an image of chow mein


ليس الرفق بالحيوانات كماليات، ليس الوازع الإنساني لدينا كماليات، ليست الأخلاق كماليات، ليست الرحمة التي لا تجزأ كماليات، هناك الكثير من المثل والأخلاقيات أصبحت في هذا الزمن القذر مجرد كماليات، لذا وصلنا إلى هذا الدرك من الفاقة لجهة التراحم والتكافل والمغفرة، لذا أصبحت لدينا قسوة ليس لها مثيل، أصبح التناهش قوة، والإحتكار تجارة، واصطياد الفرص شطارة، أصبح كل شيء مستباح، وصرنا نسمع بالجرائم والوفيات والجرحى والفقر والفاقة والعوز وكأنها من المسلمات، طالما لا تمسنا، فكيف سنتطور إن لم يترافق كل عمل لدينا بإنسانيتنا...


وحتى لو أتى بيان إدارة الجامعة بأنها قد سلمت شركة خاصة لإدارة المجمعات والأبنية من امن وصيانة، فإن هذا لا يعفيها، ولا يعفي البلدية من مسؤوليتهما، وفي النهاية، لم يمت في الجامعة اللبنانية مجرد كلاب، بل ماتت فيها الإنسانية، وكما لم يتركوا شواهد لقبورها، لا شواهد بقيت لقبر الإنسانية في جامعتنا الوطنية!

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

Managing Editor

ناشطة بيئية وصحافية متخصصة بالعلوم والبيئة

تابع كاتب المقال: