"حشيشـــة الدباغيـــن" توابـــل للمسخــن والسمّـــــاقيه
خلال تجوالنا في جبال بلدة سلواد الجميلة شمال شرق رام الله، برفقة الأصدقاء لإستكشاف قلعة البردويل والتي تقع في أعالي الجبال على طريق نابلس – القدس، صادفتنا شجيرات السمّـــــاق بين أشجار الزيتون ودوالي العنب، والتي خرجت سيقانها من بين الصخور والتلال وفي الحراج الصنوبرية، معلنة وجودها المتواضع في الجبال التي تحتوي على تكتلات صخرية كبيرة .
وشجيرة السمّـــــاق من أشجار فلسطين الجميلة، وهي شجرة كبيرة متساقطة الأوراق يتراوح ارتفاعها مابين 1-3 مترا ـ تبدأ ثمار السمّاق بالتشكل بعد إزهارها في نهاية شهر نيسان (أبريل)، وتتميز بزهورها الصفراء التي ما تلبث أن تتحول إلى عناقيد خضراء، تشبه إلى حد كبير قطوف العنب "الحصرم" وفي نهاية شهر أيلول (سبتمبر) تنضج مكتسبة لوناً بنياً مائلا إلى الحمرة.
وشجيرة السمّـــــاق لا تحتاج لكثير من العناية والاهتمام كباقي الأشجار، إضافة إلى وفرة إنتاجها وجدواها الاقتصادية، وقد ينتج الدونم الواحد من 100-120 كيلو غرام من السمّاق في الموسم الواحد، والسمّاق محصول اقتصادي، حيث يباع الكيلو البلدي بما يقارب 50 شيكلا، وهو من المحاصيل التي لا تحتاج لعناية فائقة ولا تصيبه الأمراض، والشجيرة بحاجة فقط للتقليم حتى تتمكن الشمس من الدخول للثمار والأغصان، وتعتبر من التوابل، وتابعة في تقسيماتها للأشجار الحرجية أكثر منها للبستنة الشجرية، وشجيرة السماق تتكاثر لوحدها مثل النعناع
حصاد السمّـــــاق
يبدأ الحصاد عندما تميل الثمار إلى اللون القرمزي والذي ينسب إلى السماق فيقولون لونه سماقي أي احمر غامق جدا، ويعتبر تصنيع السمّـــــاق من أصعب مراحل إنتاجه، فعندما تتحول الثمار إلى اللون البني يتم قطفها، وبعد ذلك تتم عملية تنقيتها من الورق وتنشيفها تحت أشعة الشمس لمدة أسبوع، ثم تفرك الثمار في وعاء يسمى "الكربال"، وهو عبارة عن وعاء دائري يحيطه إطار خشبي، ويحتوي على شبك مثقوب توضع الثمار بداخله، حتى تفصل الأغصان عن الثمار نفسه، بعد ذلك يعاد تنشيفه لمدة أسبوع أخر، وينقى من جديد باستخدام "الغربال"، وهو وعاء يقوم بنفس عمل الكربال إلا أن شبكه أصغر وأدق، ويستخدم لفصل الزهور الصغيرة عن الثمار، وبذلك تكون ثمار السمّـــــاق جاهزة للمرحلة الأخيرة وهي الطحن.
أسماء السمّـــــاق
يعرف السمّـــــاق بعدة اسماء شعبية مثل التمتم والعبرب والعربرب والعنزب والعترب، .يعرف السماق علميا باسم Rhus glabra ، وهناك نوعان من السمّاق البلدي، وهما السمّـــــاق الدبوقي و السمّـــــاق الجندلي، الجندلي لونه على بياض أكثر، بينما السماق الدبوقي لونه أحمر، ولكن السماق الجندلي أكثر حموضة ونكهته أفضل، وهذه المعلومات لا يعرفها كثيرون .
وتؤكد محلات العطارة والتوابل، وجود أنواع مستوردة من السمّـــــاق، مصدرها تركيا وسوريا، وتؤكد وجود سمّاق مغشوش يتم تصنيعه من نخال العدس المجروش وملح الليمون وملح الطعام، إضافة الى الأصباغ.
السمّـــــاق والطب
وصف داود الانطاكي السماق، فقال:"هو شجر يقارب الرمان طولا، الا أن ورقه مزغب لطيف، اجوده الرزين، الحديث، البالغ، الصادق، الحامض" . و" تظهر الأزهار في شهر حزيران (يونيو) وتموز (يوليو)، وحباته في أيلول (سبتمبر) وتشرين أول (أكتوبر) وهي تشبه العدس، ويستفاد من حموضتها في المأكل، ويقطف في موسم الخريف قبل هطول الامطار لئلا يفقد حموضته".
اما ابن سينا في كتابه القانون القانون في الطب: فيقول:"السمّـــــاق يمنع النزيف، يسوّد الشعر، مضاد للروماتيزم، يمنع قيح الاذن، يسّكن وجع الأسنان، دابغ للمعدة مقو لها، يسكن العطش ويشهي لحموضته ويسكن الغيثان الصفراوي ".
استخدامات السمّـــــاق في المطبخ الفلسطيني
نكهة السمّـــــاق حامضية ومميزة للغاية، ويفضلها الكثيرون، وهي توابل وزاكية الرائحة وقوية الطعم، لذا يضاف إلى الدقة (الزعتر الناشف، والسمسم ) ويضاف إلى الأكلات الشعبية الفلسطينية مثل المسخن والسماقية (طبخة غزّاوية) كما يرش السماق على السلطات والمقبلات المنوعة.
استعمال السمّاق يكون حسب نوع الطعام، فيستخدم الحب غير مطحون منه في أكلات المحاشي، مثل محشي اللفت والباذنجان والخيار وغيره، أما المطحون فيستخدم مع البهارات في الدجاج والمشاوي والمسخن، وفي الدقة "الزعتر".
ونظرا لأن السمّـــــاق يحتوي على كمية كبيرة من المواد العفصية "دابغة" فإنه يستعمل في دبغ الجلود ويسمى "حشيشة الدباغين " .
السمّـــــاق مشهِ جيد للطعام، حيث يستخدم في الغذاء والصناعة لتحميض بعض المأكولات، فيحسن طعمها ويطيب نكهتها، ويضاف إلى نبات الزعتر والفلافل، والكبة السماقية، وسماقة الباذنجان وتتبيل الدجاج للشوي فيعطيه الحموضة المرغوبة والطعم الرائع، والبعض يفضله مع سلطة الجرجير والبصل .
