info@zawayamedia.com
لبنان

أحلام اللبنانيين في "القبر الجمهوري"!

أحلام اللبنانيين في


لا أعرف صفةً أخرى يمكن إطلاقها على موقعٍ يسكنه ميت، سوى عبارة "القبر".. وليس المقصود هنا الموت الجسدي - لا سمح الله بذلك؛ مع تمنياتنا للمعنيّ ولجميع الناس بطول العمر، أو "كل ما الحياة تليق"، كما تقول حكمة أهل القرى - إنما المقصود هو الموت العام الشامل والمتكامل لكل المسؤوليات والوظائف الإنسانية والحسية..


ألم تُدفن في "القصر الجمهوري" الذي تحوّل إلى "قبرٍ جمهوري" أحلام من زحفوا إليه شباباً وأطفالاً يوم ناداهم فخامته صارخاً "يا شعب لبنان العظيم"، آملين بتحريرٍ وتغيير وعَظمة، ليجدوا أنفسهم اليوم، وقد باتوا كهولاً وفي منتصف العمر، يعيشون أبشع صنوف التبعية والتعتير والإذلال؟


ألم يدفن فخامته وعده بالتصدّي لكل خطابٍ طائفي، ودعوته اللبنانيين إلى نبذه هو بنفسه إذا اعتمد مثل هذه اللغة، ليصير اليوم المدافع الشرس عن شريحةٍ واحدة من المجتمع اللبناني، بل بعض أبناء هذه الشريحة، ساعياً هو وشخوص تياره إلى احتكار تمثيلهم، وادعاء المطالبة بحقوقهم المسلوبة، تحت مسمّى "الرئيس القوي" الذي شرذمهم وأضعف لبنان؟


كم عسكرياً دُفنوا هنا، لأنهم لم يتخلّوا عمّن تركهم لمصيرهم في طريقه إلى المنفى، ثم عاد ودفن ذكراهم، وكَتَم أنفاسهم التي لا تزال تحوم حول "القبر الجمهوري"؟


ألم يدفن التزامه بأن لا يكون في لبنان سلاحٌ غير السلاح الشرعي، فقط لأنّ مثل هذا السلاح كان سبيله إلى حيث هو اليوم؟


ألم يدفن "إبراءً مستحيلاً" ويحوّله إلى براءةٍ مطلقة ويبيّض صفحة من عاد ليحمّلهم مسؤولية وصول لبنان إلى هذا الدرك من الانهيار، بعدما أبرم معهم صفقة الرئاسة؟


ألم يدفن اتفاقية "أوعا خيّك"، ليعيد نبش قبور الماضي وما فيها من أحقاد؟


ألم يدفن شهداء تفجير المرفأ مرتين، حين لم يتذكّر اسم ملاكهم الطفلة "ألكسندرا نجار" وعريس الشباب "جو نون" وعروس فوج إطفاء بيروت "سحر فارس" وأبطال هذا الفوج؟


كم حلماً بالتغيير والمستقبل المشرق والحياة الآمنة راود شابات وشباب لبنان، دُفن هنا على يد من سأل ذات مرةٍ: "من أين آتيكم باختصاصيين يشكلون حكومة إنقاذ؟ من القمر"؟!


كم تشكيلةً حكومية دفنها؟ مرةً تحت تراب "كرمى لعيون الصهر"، ومراراً على مذبح "ثلثٍ معطّل" يكفي اسمه للدلالة على التصميم في الحصول عليه.


ألم يدفن وعوداً أطلقها ممثلوه في وزارة الطاقة التي يصرّ على التمسك بها، بكهرباء 24/24 ساعة، فإذا باللبنانيين "ينعمون" بعتمةٍ تمادت حتى طالت شمس صباحاتهم؟


مَن الذي دفن لبنان الذي نعرفه، ويمضي في تغيير هويته وعزله عن محيطه الطبيعي، ويواصل عن سابق تصوّر وإصرارٍ واستسلام تحويله إلى "فنزويلا الشرق"، رامياً اللبنانيين في طوابير الذل، ودافعاً بهم إلى استجداء أبسط حقوقهم بحياةٍ كريمة، بعدما نعى "لبنان الجنّة" وأعلن قيامة "لبنان الجهنّم"؟


لائحة ضحايا "القبر الجمهوري" تطول، مع التأكيد بأنهم سقطوا بالتكافل والتضامن والتوارث والمحاصصة بين زعماء الطوائف وأحزابها.. فاقتضى التنويه.


ملاحظة: ما ورد في هذا المقال يمثّل آراء كاتبه


 


 

بسام سامي ضو

بسام سامي ضو

كاتب وصحافي لبناني مقيم في دبي